يعقوب آل ناصر: هل يقود السنة الحركة المطلبية العام 2021؟

هل هناك زعامات سنية يمكن لها أن تنقل الأحاديث الخاصة إلى فضاء مطالبة شعبية جديدة
هل هناك زعامات سنية يمكن لها أن تنقل الأحاديث الخاصة إلى فضاء مطالبة شعبية جديدة

يعقوب آل ناصر - 2018-11-15 - 12:06 م

منذ عشرينات القرن الماضي والبحرين تشهد مطلع كل عقد أحداثا سياسية بالغة التأثير في تاريخ البلاد. لا ينحصر ذلك الأمر على الحركات المطلبية فقط، فلقد شهدت البلاد، مثلا، مطلع السبعينات كتابة الدستور ومطلع الألفية الجديدة صياغة الميثاق وما قبلهما/بينهما وبعدهما احتجاجات شعبية واسعة تصدّرها أحيانا زعامات سنية.

على الرغم من خنق أنفاس المعارضة السياسية التي قادها الشيعة في انتفاضة 14 فبراير 2011، إلا أنه لا يبدو ضربا من الخيال القول بأن البحرين تقترب شيئا فشيئا من موجة الاحتجاجات الجديدة المفترضة، إلا إذا اختار حكّام الجزيرة تجنّبها.

هم يخطئون عندما يعتقدون أنهم يتجنبون موجة جديدة عبر مواجهة الآراء المضادة بقبضة صلبة؛ إذ لا يضمن هذا التكتيك نجاحا دائما في تحقيق استقرار مفقود لطالما بحثت عنه العائلة الحاكمة لعقود ممتدة بالتوازي مع امتداد المطالبات الشعبية.

وربما لن ينس الملك حمد مجريات الاجتماع الذي عقده في الصافرية 11 فبراير 2011 مع ممثلين عن السلطة التشريعية، حيث رد بالرفض على طلب تقدم به أحد قادة حزب الوفاق بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، وقال بضرس قاطع إنهم «سيقضون أي حكم يصدر بحقهم من السلطة القضائية»، قبل أن يفعل في نهاية المطاف ما طُلب منه مجبرا!

يسير الملك حمد في ذات الاتجاه المحفوف بالمخاطر: هجوم ساحق على الشيعة بكل ما جاء في خطة البندر من  أفكار للتصفية والحرمان، إلا أن متغيرا فرضته الصعوبات المالية طرأ أخيرا: إن الحرمان الذي اختبره الشيعة لعقود، سيبدأ السّنة حتما في اختباره مطلع العام 2019.

سوف تطال الإصلاحات الهيكلية المتوحشة، التي فرضتها الأزمة المالية واشتراطات المانحين الخليجيين، جميع البحرينيين هذه المرة، دون النظر لاعتبارات ثانية. على سبيل المثال، لن يتمتع السّنة بعد اليوم بامتيازات توظيف مريحة في القطاع الحكومي الذي تطاله سياسات قاسية لخفض الانفاق.

إن دوران عجلة التقشف ستؤدي إلى تباطئ القدرة على الوفاء بالعهود التي دائما ما كان يكررها الحكّام على مسامع الزعماء السّنة من أنهم يحظون بمعاملة خاصة. هم يدركون الآن أن ارتفاع الدين العام الذي تجاوز 13 مليار دينار والتجنيس السياسي يؤديان إلى تلاشي الفوارق التي كانوا يتمتعون بها.

يقول قادة سنيون في دوائر شديدة الخصوصية إن ما يسميه ولي العهد سلمان بن حمد إصلاحات اقتصادية ما كان لها أن تأخذ محلها من التنفيذ في ظل وجود المعارضة الشيعية. لقد حاول رفع الدعم عن المحروقات والطاقة في العام 2008 واصطدم بمعارضة رادعة.

يشعر الاسلاميون السّنة بغبن شديد جراء الآثار الناجمة عن تلك الإجراءات، إلى جانب ضغوط سياسية رسمية -تدفعهم للانزواء بعيدا عن العمل السياسي- إرضاءً للإمارات التي تقود منذ بروز نجم ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد حربا على الإسلاميين بشكل عام والإخوان المسلمون بشكل خاص، وتلحق بها في ذلك السعودية الجديدة.

هناك إجماع عابر للطوائف أكثر من أي وقت مضى على رفض الانفراد بالسلطة والسياسات الضريبية الجديدة التي يفرضها «فريق البحرين» تحت عنوان «تحقيق التوازن المالي» بعد أن أخلّ الفساد والهدر بموازنة الدولة. وصحيح أن السّنة يستشعرون خطر تفرّد العائلة الحاكمة بالقرار الاقتصادي، لكن هناك الكثير من التساؤلات بشأن الزعامات التي يمكن لها أن تنقل الأحاديث الخاصة إلى فضاء مطالبة شعبية جديدة بالشراكة الحقيقية في اتخاذ القرار الاقتصادي بالحد الأدنى!

* بحريني مقيم في فنلندا