يعقوب آل ناصر: انتخابات البحرين حفلة عائلية تمت دعوة مقربين لحضورها

الانتخابات حفلة عائلية تمت دعوة مقربين لحضورها، وكأي حفلةٍ، لا يُسمحُ بحضور الغرباء فيها
الانتخابات حفلة عائلية تمت دعوة مقربين لحضورها، وكأي حفلةٍ، لا يُسمحُ بحضور الغرباء فيها

يعقوب آل ناصر - 2018-11-24 - 6:42 ص

على إحدى ناصيتي فويكاتو ستريت في العاصمة هلسنكي أخذت وقتا طويلا أتأمّل لأصل لوصف للانتخابات التشريعية التي تشهدها البحرين اليوم السبت، فوجدتها كما في العنوان: حفلة عائلية تمت دعوة مقربين لحضورها، وكأي حفلةٍ، لا يُسمحُ بحضور الغرباء فيها.

حددت العائلة المالكة الأفراد المخلصين الذين يحق لهم اغتنام أحد مقاعد البرلمان الأربعين، والمواطنين المطيعين الذين يجب عليهم الذهاب لصناديق الاقتراع، بينما قامت بعزل الأحزاب المعارضة، وتنحية آخرين جانبا مثل جماعة الإخوان المسلمين إرضاء للإمارات.

لقد قررت أن مصلحتها تكون بعزل جميع معارضيها: اعتقلت زعماء المعارضة وحاصرت ما تبقى منهم ومنعتهم بموجب قانون أصدره الملك حمد بن عيسى آل خليفة من خوض الانتخابات، فيما قامت بإسقاط الآلاف من قوائم المقترعين لإخفاء أثر المقاطعة.

منذ إطلاق الملك مبادرته للمصالحة الوطنية العام 2001، والعائلة تجاهد كل أربعة أعوام للحد من تأثير المقاطعة التي كانت الأصل في كل انتخابات تشريعية. في الدورات التشريعية الأولى، كانت تحاول إقناع أوسع شريحة بنيّتها الجادة في البناء على التجربة الوليدة وتحقيق الازدهار.

بعد قمع انتفاضة 14 فبراير 2011، تبدلّت تكتيكات التقليل من آثار المقاطعة كفعل احتجاجي. لقد تم توظيف الوحشية الناجحة في الزج بالمعارضين إلى السجن، في عملية الزج بالآخرين إلى مراكز الاقتراع. لم يعد لدى العائلة المالكة مزيدا من الوقت لصرفه في عملية الإقناع، هناك المزيد من الإجراءات الصارمة.  

لقد بلغت صرامة الملك حمد بن عيسى للحد الذي تخلى فيه عن أسلوبه في تقديم الوعود وبث الأمل في أوساط مواطنيه في الحصول على التنمية والرفاهية جراء المشاركة في مشروعه. إنه يقول اليوم للمقترعين: أنتم ملزمون بالذهاب للاقتراع لصالح مزيد من الإجراءات التقشفية والقرارات المالية القاسية.

اتبعت العائلة الحاكمة تكتيك التخويف منذ الانتخابات التكميلية التي جرت بعد انسحاب ممثلي حزب الوفاق المعارض. ووصل الحد إلى مساومة البحرينيين بالاقتراع مقابل الحصول على الخدمات الرئيسية كالتعليم والصحة والإسكان والتوظيف.

وبما أن الجميع يعلم أن المعارضين من الشيعة محرومون من الحصول على تلك الخدمات، فإن الرسائل التخويفية المبطّنة التي تبعثها الجهات الرسمية، موجهة إذن للموالين من السنة الذين لم يعودوا يطيقون تصديق الوعود بالرفاهية التي يحصل عليها السكان المجاورون في قطر مثلا.

ويمكن لجميع المراقبين المحليين والخارجيين أن يلاحظوا بوضوح كيف رد السنة على دعوات رئيس البرلمان السابق أحمد الملا لحرمان غير المشاركين من الإسكان أو التقاعد الاختياري الذي طرحته الحكومة ضمن مبادرات واسعة للحد من الأزمة المالية التي تواجهها.

لم يعد أحد يثق أن لدى الحكومة خدمات يمكن المساومة عليها أصلا مقابل المشاركة في عملية الاقتراع. فكل ما لدى الحكومة، بعلم الجميع، المزيد من خفض الإنفاق والضرائب والرسوم التي تنتظر انعقاد البرلمان الجديد من أجل زفّها للمواطنين في ثوب شعبي.

* بحريني مقيم في فنلندا