أتدفع بريطانيا وأمريكا البحرين باتجاه 4 سنوات مظلمة أخرى؟!

2018-11-28 - 1:03 م

مرآة البحرين (خاص): يعلن الحليفان الغربيان بريطانيا وأمريكا عن دعمهما مصالحة شاملة في البحرين، غير أنهما يعملان على عكس تلك الدعوات عندما يشجعان الانتخابات التشريعية التي جرت نهاية الأسبوع الماضي، متجاوزين تحفظات أبدتها منظمات دولية حول إجرائها في بيئة وصفتها بـ «القمعية».

لقد شهدت الانتخابات مشروعا شاملا للعزل السياسي حيث استبعدت السلطة عددا كبيرا من الأحزاب من العملية الانتخابية. كان من بين تلك الأحزاب الوفاق وهي أكبر فصيل سياسي في البلاد إلى جانب وعد ثاني أكبر الأحزاب المعارضة، والعمل الإسلامي. ولم تسلم من إجراءاتها جماعات حليفة كالإخوان المسلمين.

بجانب تلك الأحزاب، تم منع شريحة عريضة من التصويت. أسقطت السلطات أسماء عشرات الآلاف من قوائم المنتخبين وبررت ذلك بعدم مشاركتهم في الانتخابات الأخيرة. وقررت أعداد مثلهم مقاطعة الانتخابات لأسباب سياسية واقتصادية.

وبالنظر إلى الصورة البائسة التي ظهرت عليها نتائج الجولة الأولى من الانتخابات، كان صادما للقوى البحرينية الفاعلة والمنظمات الدولية أن تصفق واشنطن ولندن لها. كانت انتخابات زائفة قابلتها تصريحات غير مفهومة لا يوجد ما يفسرها على أرض الواقع.

لقد قال وزير الشؤون الخارجية البريطاني أليستر بيرت في تغريدة على منصة تويتر «نرحب بالاختتام الناجح للجولة الأولى من التصويت في الانتخابات البحرينية»، مردفًا «البحرين واحدة من دولتين فقط في الخليج لديهما برلمانا ينتخب ديمقراطياً»، وكان يقصد بذلك الكويت.

هل حقا البحرين والكويت تجربتان متشابهتان في المنطقة؟ يعلم الجميع بشكل قطعي أنه لا توجد مقارنة من حيث التجربة الديمقراطية بشكل عام ولا من حيث الصلاحيات التي يتمتع بها البرلمان في البلدين. بل كانت المعارضة البحرينية في مرحلة من مراحل نضالها الوطني تطالب بالوصول لتجربة شبيهة بالكويت.

كان سيصل السيد بيرت إلى نتيجة أكثر التصاقا بالواقع لو شبّه البحرين بالسعودية. فهي أقرب لها من حيث معاداة الحريات العامة والسجل الممتلئ بانتهاكات حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ضف إلى ذلك الشراكة الوثيقة في الحرب على اليمن وحصار قطر. يظهر من كل ذلك أن السيد بيرت لا يبرع في التشبيه أو أنه تعمّد تزوير الحقائق.

أما المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر نويرت فقالت عبر تويتر، إن الولايات المتحدة «تشجع (على) الاستمرار بالالتزام بعملية سياسية شاملة وديمقراطية وسلمية مع عودة الناخبين إلى صناديق الاقتراع يوم السبت». في إشارة منها إلى الجولة الثانية من الانتخابات.

إذا كان هذا وصفا للعملية التي تطالب بها المتحدثة الأمريكية فهي بالتأكيد لا تقصد الانتخابات البحرينية، فهي ليست ضمن عملية سياسية شاملة ولا عملية ديمقراطية. لقد كانت إطارا لامعا للوحة مرعبة. أمام رعب سجن زعماء المعارضة وعزلها من المشهد السياسي في البلاد لا يمكن أن يسرق نظر أحد اللمعان الزائف لتلك الانتخابات.

كما أنه لا يمكن لأحد أن يسدي معروفا للخارجية الأمريكية بإعطائها صورة عن الأوضاع في البحرين، فقد تضمن تقريرها الأخير عن الأوضاع البحرينية تفاصيل من يعايشون الانتهاكات يوميا، وهو التقرير نفسه التي قالت فيه إن مسؤولين حثوا البحرين «على إنهاء التمييز ضد الشيعة».

إن حليفكم لم ينهِ التمييز ضد الشيعة بل أضاف له بابا آخر عندما عزل أكبر الأحزاب من المشاركة في الانتخابات ومنع عشرات الآلاف من حق الاقتراع. إن الحليف يمضي في ذات الاتجاه، فماذا تنتظر أمريكا عندما تصفق لمثل تلك الإجراءات؟

إن الوقوف وراء تلك الانتخابات يدفع البحرين لإغلاق الأبواب أربع سنوات جديدة في وجه الحوار والمصالحة الوطنية، وتشجيعها على المضي قدما في خياراتها المتشددة تجاه معارضيها، ولا يمكن لذلك أن يحفظ مصالح أمريكا في البحرين ولا وحدة الجزيرة التي تعصف به الانقسامات.

اليوم، لا يبدو مشجعا القول أن هناك تصريحات غير علنية تدفع البحرين باتجاه آخر. ما تفهمه العائلة الحاكمة أن المطلوب منها ما يُقال في العلن، وما يُتخذ من إجراءات عملية تدفعها لوقف الانتهاكات المتواصلة منذ 7 سنوات، أما «الحث سرا» فهو بالنسبة لها أحاديث جانبية لرفع الحرج.