مذكرات 2018: انهيار مبنى للعمّال الأجانب في البحرين فوق دعايات مكافحة الاتجار بالبشر

2018-12-30 - 7:12 م

مرآة البحرين (خاص): استخدمت البحرين ملف العمالة الأجنبية كأحد مستحضرات تجميل الواقع الحقوقي المتدهور في البلاد، إلا أن تغييرا حقيقيا لم يطرأ على أوضاع تلك الفئة على الرغم من منح واشنطن حليفتها جائزة في هذا المجال.

في أبريل/نيسان 2018، التقى السفير الأمريكي جاستين هيكس سيبيريل رئيس هيئة تنظيم سوق العمل أسامة العبسي وأشاد بـ «التحقيق في عدد من الحالات المتعلقة بالاتجار بالأشخاص، إلى جانب الجهود التي تبذل في تدريب المسؤولين على آليات التعامل مع الضحايا».

صار واضحا أن أمريكا تدعم جهودا غير مكتملة في وقف الاتجار بالبشر. هي تفرح للتحقيق في قضية محدودة وتنسى سوقا بالكامل قائمة على الاتجار بالعمال والنساء. تشيد بالتخلص من نظام الكفيل، لكنها ترحب بتحويله للحكومة عبر بوابة التصريح المرن.

في (27 يونيو/حزيران 2018) كرّمت الخارجية الأمريكية الرئيس التنفيذي لهيئة سوق العمل رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص «بعد حصول البحرين على تصنيف الدول الأكثر نجاحا في مجال مكافحة الاتجار بالبشر»، قبل أن يستقبله ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة (29 أغسطس/ آب 2018) مبتهجا بانجازه.

بحسب بيانات رسمية صادرة عن الهيئة فإن التكريم الأمريكي استند لتصريح العمل المرن، وهو نظام يشتري فيه العامل الأجنبي إقامة لسنتين من الحكومة مقابل 449 دينار و30 دينار شهريا لمدة سنتين. نظام ببساطة ينقل استغلال العمالة الرخيصة من «تجّار الفيز» إلى الحكومة.

كان واضحا أن الدوافع وراء المشروع لم تكن حقوقية ولا تنظيمية بل مالية. إنها عملية تستغل حاجة العمال للبقاء في السوق البحريني مقابل تحصيل تلك الرسوم. وفقا لطبيعة المهارات التي يحملها هؤلاء العمال، فإن الرسوم التي تأخذها الحكومة عليهم تعتبر مرتفعة وهو ما قد يعرّضهم للاستغلال مجددا في سبيل تأمينها.

كانت البحرين تريد منح الترخيص المرن إلى 24 ألف سنويا أملا في أن تجني 56 مليون و640 ألف دينار خلال سنتين من وراء هذه العمالة الرخيصة، دون أن تجيب على تساؤلات محورية بشأن ما إذا كان سوق العمل يستوعب هذه الكتلة؟ وما هي الظروف المعيشية التي يعيشها هؤلاء العمال غير المهرة؟ كيف سيؤمّنون هذه الرسوم الضخمة وتحت أي الظروف؟ وما إذا كانوا سيضطرون لمخالفة قوانين أخرى في البلاد في سبيل دفع تلك الالتزامات المالية؟

لم تسأل الخارجية الأمريكية هذه الأسئلة قبل منح حليفها الجائزة ولم تجب الهيئة على تلك الاستفسارات، لكن الإجابة عن نتائج هذا المشروع المدمر اقتصاديا وإنسانيا جاءت مع انهيار مبنى في العاصمة المنامة يقطنه أكثر من 100 عامل مهاجر.

4 راحوا ضحية الحادث، وأصيب العشرات إصابات بعضها خطيرة، ولحسن الحظ لم يكن جميع السكّان بالداخل وقت وقوع الحادث. إنه مبنى لا تتجاوز مساحته 120 مترا مربعا، جدرانه متهالكة ويفتقر لأبسط الخدمات كان يتكدس فيه هذا العدد الكبير من العمالة المهاجرة الفقيرة التي تسرق قوتها الحكومة.

لقد كانت جائزة أمريكا تقول للبحرين: إننا نضعكم في الفئة الأولى التي نجحت في مجال حفظ حقوق العمالة المهاجرة ومكافحة الاتجار بالبشر، إنكم تقومون بما عليكم فعله. وهذه الرسالة تفهمها البحرين كالتالي: اجنوا الأموال من هؤلاء المعدمين وواصلوا تكديسهم فوق بعضهم البعض في الأبنية المتهالكة والآيلة للسقوط، حتى لو كانوا 100 نفس بشرية، ما دامت واشنطن راضية.











 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus