يعقوب آل ناصر: تزايد المعارضة وانهيار «حائط الصد»
يعقوب آل ناصر - 2019-01-13 - 3:26 م
تصطدم الخطة التي اعتمدتها الدول الخليجية الحليفة لإعادة التوازن لماليّة البحرين بمعارضة شعبية متزايدة. وصحيح أن الاحتجاجات لا تأخذ مكانها الطبيعي على الأرض بسبب منع جميع أشكال التظاهر في البلاد، إلا أنها تعبّر عن نفسها على منصات التواصل الاجتماعي والمجالس الخاصة بقوة.
ولا تعرقل تلك المعارضة تنفيذ «الإصلاحات» التي يقودها ولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة حتى الآن، لكنها قد تفعل مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية للأسر البحرينية سوءا، حيث تنتظر الخطة تنفيذ مرحلتها الأقسى بإعادة هيكلة الدعم النقدي المباشر للمواطنين.
ويسود اعتقاد كبير أن آلية تنفيذ تلك الخطة وتوقيتها أثار موجة سخط كبيرة ضد العائلة المالكة في البحرين، التي ارتكبت أخطاء متتالية ربما تجعلها لأول مرة في محل مواجهة مباشرة مع مختلف أطياف الشعب البحريني.
لقد أدت أسباب، بينها عدم اعتراف العائلة بمبدأ الشراكة والشروط الخليجية، لضرب ما تبقى من الصورة الهشة للديمقراطية على المقاس البحريني. وكعادتها، انفردت العائلة في تحديد شكل الإصلاحات المطلوبة وتوقيتات تنفيذها دون وضع اعتبار لمجلسها التشريعي ولا الرفض الشعبي للخطة بالتأكيد.
لقد بدأت تلك الأخطاء بدعوة الملك حمد بن عيسى آل خليفة 5 أكتوبر الماضي البرلمان لدور انعقاد غير عادي، قبيل الانتخابات بشهر، لإقرار مراسيم ملكية تتضمن خطة الإصلاحات إلى جانب الموافقة على المباشرة في تنفيذ ضريبة القيمة المضافة. شكّل رفض البرلمان لتلك الإصلاحات ثم دعوته للموافقة عليها مجددا بتوجيه من الديوان الملكي فضيحة كبيرة.
تحت الترهيب مرة والترغيب أخرى، شاركت شريحة من المواطنين في حفلة الانتخابات التي دعت لها العائلة. سرعان ما اكتشف المشاركون أنها تحكّمت في شكل المجلس، قبل أن يجدوا أنه ليس بمقدور النواب الجدد عرقلة الإجراءات التي أقرها البرلمان السابق كفرض ضريبة القيمة المضافة.
ليس ذلك فحسب، بل أن الحديث الآن يتم عن تمرير خطط مثل إعادة هيكلة الدعم وإصلاح نظام التقاعد عبر البرلمان، وهي آخر صفعة يمكن أن توجهها العائلة لحفلة الانتخابات الأخيرة.
على الرغم من الرغبة الحقيقة للعائلة في إعطاء مجلس النواب دور تمثيلي ليلعب كـ «حائط الصد» أمامها، إلا أن انهيار مالية البلاد أفقدها القدرة الكاملة على المراوغة داخليا وخارجيا. لقد أصبح القرار المالي والاقتصادي في يد المانحين الخليجيين، بينما تقع على العائلة مسؤولية التنفيذ فقط تحت مراقبة صارمة من صندوق النقد العربي.
ليس أمام العائلة الكثير من الخيارات الاقتصادية في ظل موافقتها على الشروط الخليجية، إلا أنه يمكن لها أن تقوم بمراجعة ملفات سياسية تركت تأثيرات كبيرة على الوضع الاقتصادي بينها التجنيس والتوظيف، إلى جانب معالجة جديدة لمفهوم الأمن.
لأكثر من عقد من الزمن، كانت تلك الملفات الخطيرة ولا زالت محل إجماع في الشارع البحريني. ويمكن أن أشير هنا إلى أن ولي العهد، المسؤول عن تنفيذ خطة الإصلاحات، قد وضع تلك الملفات من ضمن مقترحات سبعة للخروج من الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد 14 فبراير 2011.
سيبدو من غير الواقعي، الآن، دعوة ولي العهد لإعادة إحياء مبادرته تلك للحوار السياسي، لكن ربما يمكن تحذيره من نتائج المضي إلى النهاية في قيادة تلك الإصلاحات دون أن يفتح نافذة لحوار موسّع حول تلك الإصلاحات، في مرحلة أولى، يمكن له أن يقلل من حجم معارضتها على الأقل.
*بحريني مقيم في فنلندا