عن السوق الحر .... البحرين "رايحة الحج والناس راجعة"

2019-01-18 - 6:13 م

مرآة البحرين (خاص): بينما كانت الولايات المتحدة الأمريكية في طريق العودة عن ما كانت تبشّر به من اقتصاد السوق، تأتي البحرين لتقول إنها لن ترجع عن خطواتها التي بدأتها باتجاه اقتصاد دون قيود. وهنا يمكن الاستشهاد بمثل شعبي بحريني لتقريب الصورة أكثر: «رايح الحج والناس راجعة».

إن أمريكا عرّابة فكرة فتح الحدود أمام التبادل التجاري، بدأت أمام ضغوط المنافسة فرض تعرفة جمركية على الكثير من البضائع وزيادة النسبة على أخرى. لم يكن الأمر يقتصر على أعدائها مثل الصين وروسيا، لقد بدأت واشنطن سياساتها الجديدة ضد أقرب حلفائها مثل ألمانيا وكندا والحليف من خارج الناتو (البحرين).

في مارس/ آذار 2018، وقع الرئيس الأمريكي قرار فرض رسوم بنسبة 25% على واردات الفولاذ و10% على الألمنيوم، وكانت البحرين من بين الدول الأكثر تضررا من القرار الأمريكي، حيث تقوم شركة ألمنيوم البحرين (ألبا) بتصدير 120 ألف طن من الألمنيوم سنويا للولايات المتحدة.

عندما تعلّق الأمر بمصالح الأمريكيين، أكل الرئيس دونالد ترامب أصنام أمريكا التي بنتها منذ عشرات السنين بهدف غزو الأسواق الفقيرة. كانت تلك أصنام «العولمة والسوق الحر». كلّها ذهبت مع أوائل خسارات الميزان التجاري الأمريكي.

وعندما تعلق الأمر بوظائفهم، راح صاحب الدول الخليجية المجنون باتجاه بناء أطول جدار في العالم لحماية حدوده، وتقليل منافسة المتسللين عبر المكسيك للأمريكيين على الوظائف والأعمال. إن أمريكا البلد الذي قامت على المهاجرين تغلق اليوم على نفسها الأبواب.

بينما يفعل ذلك بلد ناتجه الإجمالي 19 تريليون دولار، يقوم البلد الذي يقف على شفا حفرة من الإفلاس، بفتح الأبواب على مصراعيها لتنافس العمالة المهاجرة الرخيصة البحرينيين حتى على مهنة غسيل السيارات. وتقوم البلد بمنح الهاربين والمخالفين لقوانين العمل رخصة العمل المرن.

ليس ذلك فحسب، بل إن صندوق العمل تمكين، الذي تأتي رسومه من التجّار بغرض «تأهيل البحريني وجعله الخيار المفضّل في سوق العمل»، فتح خزائنه لدعم الأجنبي وتأهيله لمنافسة أصحاب الأعمال من البحرينيين.

في هذا الشأن، يقول رئيس غرفة التجارة سمير ناس إن الصندوق يمنح التاجر الأجنبي جميع التسهيلات التي من المفترض أن يتميز بها التاجر البحريني بهدف تمكينه من منافسة رؤوس الأموال الأجنبية، ويدعو إلى عدم المساواة بين البحريني والأجنبي.

هي ذات الدعوة يجب أن يعمل بها رئيس الغرفة لئلا ينطبق عليه بيت الشعر العربي «لا تنه عن خلق وتأتي بمثله»، فما يطالب به بيت التجار الحكومة من تفضيل التاجر البحريني يطالب به العاطل البحريني الحكومة وبيت التجار.

إن قرينة نجاح الاقتصاد ليست في مضاعفة الثروات الخاصة ولا حتى مضاعفة أرقام مثل الناتج المحلي الإجمالي أو حجم الاستثمار الأجنبي، إنما قرينة النجاح هي مضاعفة أرقام البحرينيين الذين يحصلون على وظائف وحماية مصالحهم، وهذا ما تفعله العرّابة أمريكا.

لقد صعدت القومية الاقتصادية إلى الواجهة في أمريكا لحماية مصالح مواطنيها بينما تبلع البحرين طعما ليس جديدا حتى. إن البلد يسير في اتجاه معاكس خلاف مصالح مواطنيه، وللأسف فإن السائق لا يبدو أنه يستجيب للتنبيهات، حتى الآن.

 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus