يا برلمان يا شورى يا عمّال .. لقد ذلَّ من بالت عليه الثعالبُ!

الملك خلال لقائه رئيسيّ وأعضاء مجلسي الشورى والنواب ديسمبر 2018
الملك خلال لقائه رئيسيّ وأعضاء مجلسي الشورى والنواب ديسمبر 2018

2019-01-20 - 2:32 ص

مرآة البحرين (خاص): يكتشف البحرينيون سريعاً مع تعمّق الأزمة الأزمة الاقتصادية في بلادهم، وازدياد صعوبة الأوضاع المعيشية، الوزن الخفيف للعديد من المؤسسات التي يفترض بها الدفاع والضغط لصالح المصالح الشعبية، يكتشفون أن كل هذه المؤسسات أمام الحكومة مثل مصارع بوزن الريشة.
لا مشاركة لأحد في صناعة القرار، هناك خطوات متلاحقة من طرف مؤسسة واحدة وهي الحكومة، أقرت برنامجاً للتوازن المالي، وفرضت ضريبة القيمة المضافة، وبدأت في توسيع دائرة فرض الرسوم بشكل متواصل، وقررت إخراج آلاف من موظفي القطاع العام للتقاعد بطريقتها الخاصة.
مع تتابع مشاكل كثيرة، كتفضيل العمال الوافدين على البحرينيين، وإلغاء البحرنة، وفتح باب الدعم من صندوق تمكين للتجار الوافدين وفتح أبواب السوق أمامهم لمنافسة التاجر البحريني، ومنح السلطة تصريح العمل المرن للآلاف عمال «الفري فيزا» مقابل حصولها على أموال منهم.
وسط هذا كله، يتضح سريعاً الوزن الخفيف للبرلمان الجديد. فقد فشل البرلمان في تحرّكه الأول الذي كان بعنوان مقترح برغبة لإيقاف ضريبة القيمة المضافة، وبدأت المعارك الهامشية داخله بين رئيسة المجلس فوزية زينل ونائبها الأول عبدالنبي سلمان الذي بدأت رحلة تهميشه من إبعاده عن رئاسة لجنة دراسة برنامج عمل الحكومة وإسناد رئاستها للسلفي علي زايد الذي صار مطراشاً للحكومة في وقت قياسي، وصار يوزع التطمينات المجّانية على المواطنين أن «الوضع لن يسوء أكثر»!.
إن قوة تحرّك غرفة تجارة وصناعة البحرين، وسرعة تحرك الحكومة نحو التجار بكل ثقلها للحوار معهم، يبين بوضوح الحجم الحقيقي للبرلمان المنتخب الذي يعيش فوضى شاملة وعدم تجانس حتى الآن.
يتذكر المواطنون اللقاء الأخير الذي جمع النواب والشوريين مع الملك، حينما جَبُن الجميع عن فتح موضوع وقف الضريبة المضافة، وقال النائب هشام العشيري «اللقاء لم يتطرق لموضوع قانون الضريبة، واصفا اللقاء بالبروتوكولي الإيجابي لما تضمنه من توجيهات ملكية تصب لتعزيز التعاون البناء بين السلطتين». كان ذلك فشلاً ذريعًا وعدم جديّة منذ البداية.
نظرة غير جادة من الحكومة لهذا المجلس الرخو، وما يهمها حالياً أمر واحد فقط وهو: إقرار برنامج الحكومة.
أما مجلس الشورى، فهو ممثل حقيقي للطبقة البرجوازية المخملية في البلاد، يرفض البحرنة، يرفض اشتراط استخراج شهادة تثبت خلو سجل العامل الوافد من أي نشاط إجرامي، يرفض فتح السواحل للعامة من المواطنين «حفاظاً على خصوصية» ملّاك الفلل والقصور. مجلس يرفض قانونًا يهدف إلى إلزام ديوان الرقابة المالية والإدارية بإحالة المخالفات للنيابة العامة.
مجلس الشورى خارج معادلة الدفاع عن حقوق المواطنين، بل على الطرف النقيض، هو بمثابة فرامل احتياطية لدى السلطة تستخدمها فيما لو مرّ شيء لا تريده من مجلس النواب.
عمالياً، يتفق البحرينيون من مختلف المشارب على ملفات حماية العامل والموظّف البحريني من منافسة الأجنبي، وبحرنة الوظائف، وفي هذا الموضوع سمع البحرينيون فقط صوت الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين الذي كان صوته واضحاً حول ضرورة وقف نظام تصريح العمل المرن، والمطالبة بتطبيق بحرنة الوظائف وحماية العامل البحريني.
فيما الاتحاد الحرّ لنقابات عمال البحرين الذي يدّعي تمثيل العمال البحرينيين كان يقول في آخر بيانين له : «الاتحاد الحر يشيد بتخصيص الرابع عشر من يناير يوماً للسلك الدبلوماسي»، و«الاتحاد الحر يشيد بإطلاق اسم سمو الشيخ محمد بن مبارك على أكاديمية الدراسات الدبلوماسية»!.
الاتحاد الحرّ غائب عن الساحة العمّالية، اتحاد يكرّس صورته الحقيقية، أنه موجود لمناكفة الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين ولشق الساحة العمّالية فقط.
أداء مجلسي النواب والشورى، والاتحاد الحر للعمال، في ظل هذه الأزمات السياسية والاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد، يكشف بوضوح نجاح السلطة في تطويع مؤسسات كان المفترض أن تمثّل الشعب، لكنها أصبحت الآن مجرد مؤسسات «غونغو» إن صحّ التعبير.
يحق للبحرينين مشاهدة أداء هذه المؤسسات والتمثّل بقول الشاعر العربي القديم «أربٌ يبول الثُّعلبان برأسه.... لقد ذلَّ من بالت عليه الثعالبُ».