آية الله قاسم في بيانٍ بمناسبة ذكرى ثورة 14 فبراير: المشكلة الأساس في البحرين هي افتقاد العدالة
2019-02-15 - 4:35 ص
مرآة البحرين: أصدر آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم اليوم الخميس 14 فبراير/ شباط 2019 وهو يوم الذكرى الثامنة لثورة 14 فبراير في البحرين.
وقال قاسم في البيان «المشكلة الأساس في البحرين في افتقاد العدالة في التعامل من جانب الحكم سياسيًّا وحقوقيًّا وقضائيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وفي كل الأبعاد».
وأشار قاسم إلى أنّ «متاعب البحرين الجمّة بسبب المواجهة القائمة لا تنتهي إلا بانتهاء هذه المواجهة التي لا سبيل لانتهائها إلا بأن يصار إلى قيام علاقة من نوعٍ جديدٍ بين طرفي الشعب والحكومة، تعترف بموقعية الشعب ومرجعيته في أمر توجيه حياته واختيار مصيره».
وفيما يلي النص الكامل لبيان آية الله قاسم:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
البحرين الحبيبة وهي وطن إسلامي عربي كريم محتاجة إلى الاستقرار في ظل واقع جديد صحيح، وعلاقات عادلة بين شعبها وحكومتها.
واقع وعلاقات تتكفّل بتحقيق تقدّمها وازدهارها وأمنها واستقلاليتها، وعزّة موقعها.
وهو واقع وعلاقات يتطلبان بالضرورة التغيُّر الواضح في موقف الحكم في نظرته إلى الشعب وتعامله معه بأن يكون تعاملاً محترمًا للشعب، معترفًا له بإنسانيته وكرامته، وكلّ حقوقه ومنها حقّه السياسي الثابت دينًا وعقلاً وعقلائيًا، وبلغة العلم والعصر والعرف العالمي المعاش.
متاعب البحرين الجمّة بسبب المواجهة القائمة لا تنتهي إلا بانتهاء هذه المواجهة التي لا سبيل لانتهائها إلا بأن يصار إلى قيام علاقة من نوعٍ جديدٍ بين طرفي الشعب والحكومة، تعترف بموقعية الشعب ومرجعيته في أمر توجيه حياته واختيار مصيره، بلا أن يفرض عليه واقع من صنع يدٍ غير يده، وخارج إرادته، ورغم أنفه.
ومن يعمل من أهل البحرين حكومة أو غيرها على أن تبقى ساحة هذا الوطن ساحة صراعٍ دائمٍ ومتاعب متراكمة حتى يحترق وجود هذا الوطن فهو مدين بجرمه وخيانته.
ومَن أعان من دول أخرى على بقاء هذا الصراع والمتاعب والخسائر فليس أولى منه بأن يتخذه هذا الوطن وأهله عدوًّا لهم، لا تسمع له كلمة، ولا يسمع منه ملغية ما قد يدعيه نصيحة، ولا ما يريد أن يفرضه من أمر.
تعالوا نضع يدنا على المشكلة الأساس في البحرين، المشكلة الأساس في افتقاد العدالة في التعامل من جانب الحكم سياسيًّا وحقوقيًّا وقضائيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وفي كل الأبعاد، والتضييق الديني والعلمي على الشعب وما يمكّن من ذلك كلّه ويسهّله هو الإقصاء السياسي ومن كل مواقع القوة للشعب، وهو الأمر الذي لن يتأتّى إصلاح جادّ لأيّ وضع من الأوضاع، وعلاجٌ ناجعٌ لأيّ مشكلة من مشاكل الشعب ما لم يستبدل عنه بالمشاركة السياسية الفعّالة التي يستحقّها الشعب والمدعومة دستوريًّا.
إنَّ مقدسات الشعب ومواقع اعتزازه الديني لم تسلم من جور السياسة وانتهاكها ومطاردتها الشرسة؛ فقد اُعتدي على المسجد والحسينية والصلاة وشعيرة عاشوراء، وفريضة الخمس والزكاة والمؤسسة الدينية، وطوردت حركة التبليغ الديني، وضُيِّق عليها أشد التضييق.
أساسًا لا معنى لوجود أيّ حكمٍ أو حكومة في أيّ بلد إلا بالحفاظ على إنسانية الإنسان في أيّ شعب واقع تحت سيطرة أيّ حكم ونظام وحكومة.
مسؤولية أيّ حكمٍ الدفع بإنسانية الإنسان إلى أقصى مدى من الحضور الفعلي، والنضج والنمو، والعمل على المزيد من عزّة وكرامة الشعب الواقع تحت سيطرته، والنهوض بمستوى فاعليّته وانتاجيّته الإيجابية الخيّرة، والتقدّم بمختلف أوضاع حياته التي تتطلبها راحته، وتقتضيها كرامته.
أيُّ حكومةٍ هي خادمةٌ لمصالح الشعب المعنويّة والماديّة وإلا فقدتْ مبرر وجودها.
أمّا المصيبة الكبرى فأنْ تضاد السياسة مصالح الشعب ماديّة أو معنويّة.
وخلاف وظيفة الحكم أن يُفقد الشعبَ أمنه.
وخداع قبيح أن يمارس الحكم ذلك باسم الحفاظ على الأمن. وخلاف الوظيفة ومنكرٌ شديدٌ من الفعل أن يدوس كرامة الشعب، ويسلبه حريّته، وينكر عليه حقّه الأساس في المطالبة بحقّه السياسي، وينزل به أقسى العقوبات للمطالبة به.
ومن الظلم الصارخ الذي تمارسه السياسة أن تمنع جُنى الشعب من أن يصل إلى فيه، وتحرمه من خير أرضه، وثمرة جهده، ونتاج عرق جبينه، وأن توظف جهود أبنائه لإرهابهم وتعذيبهم، وتحويل حياتهم إلى شقاء مقيم، وجحيمٍ لا يطاق.
كيف لا يكون منكرًا شنيعاً وظلماً فظيعًا أن تنفق السياسة مال الشعب الذي بيدها في بناء السجون، واستيراد الأسلحة الفتّاكة، والسموم القاتلة، والمرتزقة الوحشيين، والمعذِّبين من خبثاء الضمائر ومرضى النفوس، والمخطّطين لفنون الفساد والإرهاب والتغطية على الجريمة، وفي تغذية إعلام إجرامي مضلّل كاذب مجهّل فتّاك بالأمن والأخلاق معادٍ للدين؟
إنّها الحرب الشاملة على الشعب بأموال الشعب التي أنتجها بعرقه من أجل قيمه ومعنوياته وراحته ورفاهه.
ومن عداء السياسة للشعب، وقسوتها عليه، رصد الميزانيات الضخمة، والخطط الخبيثة، وشراء الضمائر الميّتة؛ لإشعال نار الفتنة بين الطوائف الدينية والفئات المختلفة، وتفتيت وحدة الشعب، وتمزيقه التمزيق الذي ينهك الجميع، ويعطي تأمينًا لجانب السياسة الغاشمة من الاجتماع على معارضتها.
كلُّ المخلصين للبحرين من أبنائها وغيرهم يريدون لها أن تستريح من متاعب المواجهة الداخلية، والصراع الداخلي الذي امتدّ طويلاً واستنزف كثيرًا، وأفرز أضرارًا بالغةً للوطن ووحدته وأرضه وإنسانه، ولازال ممتدًّا، ولازال مستنزفًا ومتسبّبًا في الأضرار البالغة.
مطلوبٌ جدًا أن يتوقّف الصراع وأن ينتهي الاستنزاف ويستريح الوطن.
والوصول إلى هذا الهدف مسؤولية الحكم والحكومة، ولا يحتاج إلى أكثر من أن تنسجم السياسة مع الوظيفة الطبيعية الصحيحة لأيّ حكمٍ وحكومةٍ تجاه الشعب الذي تحكمه، والأمّة التي تتولّى سياستها، وهي خدمة الشعب والأمّة إنسانهما وأرضهما، وحاضرهما ومستقبلهما، بعدما يكون وجودها الفعليّ بما هي حكومة منبثقة من إرادة الأمّة ورضاها وموافقتها.
ومع هذا الانسجام لا يتوقّف الصراع بين الشعب أو الأمّة والحكم، إنّما يبدأ التعاون الجدّي من أجل استعادة الوطن لعافيته وترميم ما خلّفه الصراع، وتدارك ما سبّبه من خسائر، وتبدأ اندفاعة البناء والإعمار للإنسان والأرض بأقصى درجةٍ ممكنةٍ، وتحيى الأرض ويسعد الإنسان.
أمّا أنت يا شعب البحرين الكريم فعلى طريق العزّ والمجد والكرامة والتقدّم والنجاح وبلوغ المطامح الخيّرة، والأهداف العالية، وإحراز النصر في كلّ الميادين ما بقيت على خطّ إسلامك وقيمه وشريعته وأهدافه، وتتخلّق بخُلُقه، وتتقيّد بأحكامه، وتقتدي برسوله وأئمته عليهم السلام، وترجع إلى علمائه.
أنت إلى العز والنصر والمجد ما دمت تعمل في سبيل الله، آخذاً بأمره ونهيه، طالبًا عزّة دينه، مستهدفًا قيام العدل في أرضه، حريصًا على صلاح عباده، مخلصًا لإنسان وطنك، وللإنسان في الأمّة، والإنسان كلِّ الإنسان
{ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ...}.
عيسى أحمد قاسم
١٤ فبراير ٢٠١٩م
- 2024-11-13إبراهيم شريف: نصف الدين العام تتحمله مصروفات الديوان الملكي
- 2024-11-12ماذا تريد السلطة من المحكومين بالإعدام؟!
- 2024-11-11رابطة الصحافة البحرينية: "إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية" أصبحت أداة ترهيب وتقييد مباشر لحرية التعبير
- 2024-11-08(الخليج ضد التطبيع) يستنكر الاستثمارات الخليجية في شركة أمريكية متورطة في دعم الإبادة في غزة
- 2024-11-08العلامة الغريفي: لا خلاص للبشرية إلا في ظل الإسلام