دعاء الوداعي: للسنة الثالثة على التوالي، ستحتفل أمي بعيد مولدها في زنزانة في البحرين

صحيفة الإندبندنت - 2019-04-09 - 6:01 م

 

اليوم عيد ميلاد أمي. وككل أم، ستحب أن تمضيه وهي محاطة بأسرتها وأصدقائها. مع ذلك، للعام الثالث على التوالي، سوف تمضي والدتي عيد ميلادها في زنزانة في سجن مدينة عيسى السّيء السمعة في البحرين ، حيث يتم احتجازها لمدة 23 ساعة في اليوم.

والدتي، هاجر منصور، ليست مجرمة. لم ترتكب أي جريمة. لقد سُجنت مع أخي وقريبي ردًا على حملة حقوق الإنسان التي قام بها زوجي سيد أحمد الوداعي، وهو لاجئ في بريطانيا.

دانت الأمم المتحدة وعدد من جماعات حقوق الإنسان الدولية سجنها باعتباره عملاً انتقاميًا.

بدأت محنتنا منذ أكثر من ثلاث سنوات، حين كنت في زيارة قصيرة إلى البحرين. في 26 أكتوبر / تشرين الأول 2016، احتج زوجي في لندن على زيارة ملك البحرين حمد إلى داونينج ستريت.

بعد ساعات، أثناء مروري بأمن المطار لدى عودتي إلى لندن، تم أخذي جانبًا من قبل  عناصر الأمن، وتعرّضت لتفتيش مهين. خطفوا ابني البالغ من العمر 18 شهرًا من ذراعي وسحبوني إلى مصعد، ومنه اصطحبوني إلى حيث خضعت للتّحقيق لمدة سبعة ساعات.

في غرفة التّحقيق، توعد ضابط أمن كان يُدَخن باستمرار بملاحقة زوجي، وأشار إليها بأنه "حيوان". سخر مني، متسائلًا: "إلى أين أذهب أولاً، هل أذهب إلى عائلته أو عائلتك؟" حذرني من أنه في حال تحدثت عن ما حصل معي، فإنهم سوف يرمونني في السجن على خلفية تهم  مفبركة.

شعرت أمي بالرعب عندما اتصلت بها لتُقِلّني من المطار. بعد أيام قليلة، نشرت صحيفة الصنداي تايمز مقالًا بعنوان "البحرين ترهب عائلة لاجئ"، سُمح لي أخيرًا بمغادرة البلاد. كانت تلك المرة الأخيرة التي رأيتها فيها. اعتقدت أنّ المحنة انتهت. لم أكن أعرف الكثير، وكانوا [عناصر الأمن] ينفذون جميع وعودهم.

بعد بضعة أشهر، أتت الشرطة لاعتقال والدتي وأخي وقريبي. تعرّض الثلاثة لتحقيقات عنيفة وحُكم عليهم بتهم مفبركة. أُجبِرَت هاجر على الوقوف حتى انهارت، ما استلزم علاجها في المستشفى.

أخي نزار، الذي كان في الثامنة عشرة من عمره آنذاك، حُرِم من النوم على مدى يومين، وتم تجريده من ملابسه وهُدِّد بالاغتصاب. قالت منظمة  هيومن رايتس ووتش بأن محاكمتهم "شابتها انتهاكات قانونية وادعاءات بإساءة المعاملة والاعترافات بالإكراه". منذ اعتقالها في 5 مارس / آذار 2017 ، بقيت والدتي في سجن مدينة عيسى.

لا أستطيع أن أشرح ألمي لمعرفتي بأن أم ، الوالدة الملهمة التي بذلت الحب والعطف لكل الذين قابلتهم، أصبحت الآن خلف القضبان، بعيدًا عن عائلتها وأصدقائها.

لا أستطيع التّعبير عن مدى رعبي عندما توسلت والدتي إليّ للصفح عنها في حال لم تخرج من السجن على قيد الحياة. لا أستطيع وصف الليالي الطويلة التي قضيتها منذ أن أبلغتني والدتي أن سلطات السجن ترفض نقلها إلى المستشفى بعد أن اكتشفت وجود ورم يمكن أن يكون سرطانيًا، في صدرها.

عيد المولد هذا وحيد  بشكل خاص لهاجر. في سبتمبر / أيلول الماضي، بعد أن أثار البرلمانيون البريطانيون قضيتها، تعرضت أمي لاعتداء عنيف من قبل حراس السجن ، بقيادة رئيسة سجن مدينة عيسى ، الملازم مريم البردولي.

منذ ذلك اليوم ، تم فرض قيود على الزيارة العائلية، ما يعني أن جدتي البالغة من العمر 90 عامًا لن تكون قادرة على معانقة ابنتها، وستضطر للتّحدّث معها عبر الهاتف في حين يفصل بينهما حاجز زجاجي.  ومن شأن هذا أن يُحَطّم قلب أمي، فهي لم ترَ أسرتها منذ أكثر من ستة أشهر. لأول مرة ، سوف تقضي عيد مولدها بمفردها.

نشاط زوجي لم يؤثر فقط على عائلتي في البحرين. في العام 015 ، جرّدته الحكومة البحرينية من جنسيته. وفي العام الماضي، حُكم عليّ غيابيًا بتهمة إهانة ضابط شرطة في المطار. وبالتالي، لا يمكننا العودة لزيارة عائلتنا في البحرين.

زوجي وأنا نعيش الآن في مأزق قانوني غير مستقر. في يوليو /تموز 2017، قدّمنا طلبًا للحصول على إجازة لأجل غير مسمى للبقاء. بعد مرور عامين تقريبًا، تواصل وزارة الداخلية البريطانية تأخير طلبنا،  وهو أمر ذو عواقب وخيمة على عائلتنا.

في نوفمبر / تشرين الثاني من العام 2017، وضعت طفلة في مستشفى سانت ماري في لندن. مع ذلك، وبما أن البحرين تمنع النساء البحرينيات من منح الجنسيةلأطفالهن، وُلِدَت ابنتي كطفلة عديمة الجنسية، وما تزال كذلك حتى اليوم.

أصبح عدم التّيقن أمرًا لا يُحتمل. أشعر بالتّخلي بسبب كل من ساجد جافيد ووزارة الداخلية، الذين لم يفعلوا شيئًا لتأمين إقامتنا وإنهاء وضع ابنتنا كعديمة الجنسية، على الرغم من الالتزامات القانونية الدولية لبريطانيا.

أشعر بالتّخلي بسبب وزراء الخارجية [البريطانيين] الذين زاروا البحرين مرارًا وتكرارًا، لكنهم فشلوا في الدفاع عن حرية عائلتي.

أحن لإمضاء عيد مولد والدتي معها، لكني، في حال سافرت إلى البحرين، متيقنة من أن الأمر سينتهي بنا بأن نتشارك زنزانة سويًا. لم تقابل والدتي أبدًا حفيدتها. ومع ذلك،عندما أحيي طفلتي الجميلة كل صباح، يذكرني ذلك بفخر برفضنا للاستسلام.

سمّيت طفلتي تيمنًا بأكثر امرأة ألهمتني في حياتي. سميتها هاجر.

النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus