قصة الشهيد «المتعاطف مع البحرين»... الحواج الذي مات بالسيف

الشهيد عبدالكريم محمد الحواج
الشهيد عبدالكريم محمد الحواج

2019-04-24 - 12:46 م

مرآة البحرين (خاص): في الإقليم الذي لا يزال يحكمه شيوخ النفط، وتحرسه أفضل الأسلحة والجيوش من غرب الأرض، لا قيمة للإنسان.

العاطفة جرم في مؤشرات الملوك وقوانينهم، جريمة رفع علم لمناصرة أي مظلوم، رفع الصوت تضامنًا، كتابة بعض الحروف في الفيس بوك أو تويتر للتعبير عمّا في القلب من ألم، أو في النفس من غضب، هذه جرائم موصوفة تستدعي ذبحك ثم صلبك، وهذا ليس مجازاً بل حقيقة وقعت أمس.

«تعاطفه مع المعارضة في دولة البحرين»، كانت هذه إحدى التهم الرسمية التي وجهت للمعتقل السعودي الشاب عبدالكريم الحواج الذي تم إعدامه أمس الثلاثاء 23 أبريل 2019.

رحلة من العذاب شارك فيها عبدالكريم الحواج مرغماً، رحلة انتهت ببركة من دماء 37 مواطناً سعوديًا، بينهم ما لا يقل عن 27 من المشاركين في الحراك المطالب بالحرية. كان جرم الحواج الأكبر التعاطف مع شعب البحرين، نام في بركة من دمائه في تلك المجزرة.  

كان عمره 16 عاماً فقط عندما شارك في التظاهرات (وفقا لمنظمة العفو الدولية). كان شاباً قاصراً بحسب التوصيف القانوني، والقاصرون في كل الدنيا لهم تعاملهم القانوني المخفف إلا في السعودية وما جاورها من بلاد النفط والسيف.

في 27 يوليو 2016، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة في المملكة السعودية، على عبد الكريم الحواج، بالقتل تعزيرا. المحاكمة افتقدت شروط العدالة، وأصبح الحواج ضمن لائحة تسعة أطفال قد يتم إعدامهم، وبالفعل حدث الأسوأ.

قصة الحواج ترويها المنظمة الأوربية السعودية لحقوق الإنسان، تقول إن عبدالكريم الحواج ( مواليد 19 نوفمبر 1995) تم اعتقاله في 16 يناير 2014 على يد رجال بزي مدني، من المرجح أنهم تابعون لجهاز المباحث. القوات أوقفت عبد الكريم وهو في طريق عودته من عمله، عند نقطة تفتيش شارع الهدلة في محافظة القطيف، حيث رفعت السلاح في وجهه من دون تقديم أي مذكرة توقيف، واقتادته مع سيارته إلى مكان مجهول.

لم تبلغ القوات التي اعتقلت عبد الكريم عائلته بمكان وجوده، وبعد أيام من اختفائه علمت العائلة من مصادر خاصة غير رسمية أنه معتقل لدى السلطات.

تم وضع عبد الكريم الحواج في السجن الانفرادي لمدة خمسة أشهر كاملة، مُنع خلالها من التواصل مع العالم الخارجي أو عائلته، كما تعرض فيها للتعذيب.

خلال التحقيق تم تعذيب عبدالكريم لإجباره على الاعتراف بالتهم التي واجهها. تم ضربه بالعصي والأسلاك الكهربائية، والركل بالأحذية الثقيلة، كما تم صعقه بالكهرباء، وربطت يديه إلى أعلى أكثر من 12 ساعة، منع خلالها من الدخول إلى الحمام.

إضافة إلى التعذيب الجسدي، تعرض عبد الكريم للتعذيب النفسي من خلال الإهانات اللفظية والتهديد بقتل والديه، والتهديد بنزع أظافره.

حرم الحواج من حقه في التواصل مع محام عند الاعتقال وخلال فترة التحقيق، إلا أنه وبعد أكثر من سنتين على الاعتقال ومع بدء جلسات المحاكمة عينت العائلة له محاميا.

تعرض المحامي لمضايقات، إذ لم تستجب المحكمة لعدد من طلباته المشروعة كما أن العائلة كانت تتعرض للمضايقات خلال الزيارات التي تقوم بها لابنها.

واجه عبد الكريم الحواج، تهما تعود إلى الفترة التي كان فيها قاصرا وانتزعت منه الاعترافات تحت التعذيب، إلا أن ذلك لم يمنع المحكمة من الحكم عليه ابتدائيا بالقتل تعزيرا. ولصبغ حكم الإعدام بصبغة قانونية تم إجباره على الاعتراف بحمل السلاح في وجه الشرطة.

لكن التهم الحقيقية التي تم اعتقاله بسببها كانت «إعداد لافتات تحمل عبارات مناوئة للدولة، المشاركة في برامج التواصل الاجتماعي، استخدام برنامج (واتساب وزيلو) وتعاطفه مع المعارضة في دولة البحرين».

لم يعرض الحواج على محكمة إلا بعد انقضاء سنتين من اعتقاله وهو أمر مخالفة لقانون مكافحة الإرهاب السعودي الذي حوكم بموجبه، والذي ينص أن على الإدعاء طلب تمديد مدة التوقيف من المحكمة في حال تطلب الأمر ذلك.

منذ 2014 ابتدأت رحلة الاعتقال ثم التعذيب والسجن ثم المحاكمة. أما الآن فرأس مقطوع، وجثة تدفن في مكان تحدده السلطات في مملكة النفط والسيف. والأسوأ أن القاتل سيستمر لأن سيفه ينضح نفطاً.