د. قاسم عمران: مؤشر التمييز الوطني - محاولة للفهم

تكافؤ الفرص من بين القضايا التي تثير الاضطرابات في البحرين
تكافؤ الفرص من بين القضايا التي تثير الاضطرابات في البحرين

قاسم عمران - 2019-07-24 - 12:06 م

يمكن القول ان مُحَدِدات التعيينات والتوظيف والترقي في السُلّم المهني والاداري في البحرين تعتمد على أربع عوامل أساسية لكل واحد منها وحدة وزن ضمن تصنيف المواطنين عرفيا، يتقرر بناء على احداثياتها موقع المواطن في هذه الدولة وفِي أجهزتها وماينبغي لوجوده ان يكون، وهي موزعة كالآتي: الانتماء الديني/ المذهبي، الإنتماء العائلي/ العشائري/ القبلي، الانتماء العرقي/ الإثني وتفريعاته وأخيرا درجة الولاء والخضوع وأداء فروض الولاء والطاعة للقبيلة الحاكمة، قُربا او بُعدا. 

 هذه العوامل استُخلصت بناء على الممارسة المجرّبة على مدى عقود وأضحت عرفا معتمدا غير مكتوب يمارسه صاحب القرار في الدولة ومن دون إقرار منه به.  

وكما هو واضح فإن المُحددات الثلاث الأُوَل، يوصم بها المواطن وهو لا دور له في أحداثها يوم يولد محظوظا أو مأثوما بها ضمن هذا التصنيف ودون قرار له فيما سيترتب عليها من جزاء، ما لم يقم بإجراء تحول عليها -إن أمكنه ذلك- كأن يتبرأ المأثوم بها من طائفته ومذهبه أو أن ينتقل إلى ضفة مذهب آخر بعد ولادته لعله يحسّن من مؤشر التمييز الخاص به. 

 ويظل المُحَدِد الرابع (درجة الولاء) هو العامل الوحيد القابل للتغيير والتصرف بإرادة هذا المواطن وبناء على قناعاته وثقة المعني بالولاء فيه، ليزيد أو يقل في وزن مؤشره  وذلك بحسب تقييمه لمصالحه وأهدافه في الحياة.  

 يتبين أن المؤشر الأفضل (+٤) سيكون من نصيب ذوي الحظوة، وأن أسوأه هو المؤشر (-٤) الذي سيكون من نصيب المنكوبين في الوطن. 

بناء على هذه المحددات يتم رسم معالم الإقصاء والتهميش على خارطة الوطن، ربما على يد موظف في وزارة التربية أو مسئول في وزارة الصحة او الاعلام أو الإسكان او الخارجية وهيئات ومؤسسات شبه رسمية... الخ، ودون أن نذكر وزارة الدفاع والداخلية التي شطبت هؤلاء من سجلاتها (بإستثناء سجلات السجون والأمن الوطني)، وعبر هؤلاء تتكرس سياسات التمييز التي نرى ونلمس واقعها ووقعها على حياة هذا الوطن. وهنا ينبغي الاستدراك أن الكفاءة العلمية والأهلية الأكاديمية تبقى العامل المُغيّب الأبرز في معايير أولوية التعيين والترقي. 

 وكنتيجة مباشرة ومتوقعة لهذه الممارسات ترتكب المجازر بحق شباب هذا الوطن من مهنيين وكفاءات وكوادر مؤهلة وخريجي جامعات متحمسين لخدمة وطنهم ولكنهم يستبعدون من نيل حقهم طبقا لمخرجات هذا التصنيف الذي يتكرس يوما بعد يوم، ببساطة لأن مؤشرهم للتمييز الوطني يقع ضمن النطاق السلبي من (-١) الى (-٤) مقارنة مع مواطنين آخرين يقع مؤشرهم ضمن النطاق الموجب على مؤشر التمييز الوطني من (+١) الى (+٤).   

رغم الشعور بالمرارة والألم لحرمان أي كفاءة وطنية مؤهلة تسهم في بناء الوطن ونهضته، إلا أن هناك من سيغبط المواطن مازن بن عقيل سوار (مثلا) أولا لحصوله على وظيفة مؤقته في وزارة حكومية  لمدة ثلاث سنوات قبل مصادقة وزارة التربية على شهادته وهو ما لم يحظى به آلاف الخريجين والخريجات المنتظمين في صفوف البطالة، وثانيا لتشرفه بالمكوث في أروقة وزارة الخارجية لثلاث سنوات قبل إقالته أو استقالته، في حين أن تعتيب بوابتها يبقى من المحرمات على غيره من شباب يشابهونه في المحددات الثلاثة الأُوَل ضمن مؤشر التمييز الوطني.

 ومما يؤسف له أنه حتى تلك الحظوة المحدودة والاستثنائية التي نالها الإبن مازن لم تدم طويلا، فيما يبدو انه تحديث ضمن المُحَدِد الرابع يعكس تصنيف الولاء إلى ولاء موثوق وآخر ولاء مُريب.