التعليق السياسي: نبوءة في مكتب ولي العهد
2019-09-27 - 9:38 ص
مرآة البحرين (خاص): في العام 2004 جلس ولي العهد مع إحدى الشخصيات البحرينية الصريحة في رأيها، تحدث سلمان بن حمد آل خليفة عن مشروع اقتصادي يريد تطبيقه لإصلاح أوضاع البلاد، كان المشروع قد اقترحته عليه شركة ماكينزي.
أنصت ذلك الرجل لوليّ العهد، ثم تحدث معه بإخلاص قال له هذا المشروع سيجعلك تتصادم مع عمّك، ثانيًا لا يمكن إصلاح شيء في البلد بوجود رجلين هما: خالد بن أحمد آل خليفة، وأحمد عطية الله آل خليفة، هل تعرف كيف ستتسلّم أنت البلد إذا استمر هذان الرجلان في لعبتهما؟ سوف تتسلم مقبرةً لا بلداً.
مرّت على هذه المحادثة 15 عاماً كاملة، وها هي النبوءة لكل ذي عينين، جليّة واضحة. لقد غابت أجزاء تلال عالي الأثرية تحت جرافات الطمع، وظهرت محلها مقابر وتلال جديدة باتت تشتهر بها البحرين، تلال من الديون (11.4 مليار دينار) تلال من الشهداء والضحايا، تلال من الأموال والأراضي المسروقة، تلال من المَظالم، جبال من الحقد، وضع اجتماعي هشّ، بلاد مفلسة من المال والأفكار، ووضع سياسي مفكّك، تلال من الصفقات المليارية لشراء الأسلحة تلو الأسلحة، بلد يقودها ضباط تافهون وفق قانون حَارَة «كل من إيدو إلُه»، بلدٌ حتى شريحة الموالاة أصبحت غاضبة عليه.
ما تغيّر هو أن ولي العهد نفسه صعد في تركيبة القرار ودخل مجلس الوزراء، وبات عضواً رئيسياً في إدارة هذه المقبرة التي يقف على كل طوبة منها حارس، وباتت المعارك بين الأطراف التي تدير هذا المكان أكبر من أن يتستر عليها أحد.
تكاد البلاد تنهي عامها الثامن بعد ثورة الرابع عشر من فبراير، والوضع يزداد قتامة، ورغم وجود أصوات مُتعبة نادت بالخروج من فكرة العام 2011، لكن يتضح مع مرور الوقت أنّ النظام الحاكم هو من لم يخرج من هذه الفكرة، فلا زالت قواته تجري حملات المداهمات في المناطق والأحياء، وفي الوقت التي مضت على احتفالات النظام بالقضاء على ثورة الناس أعوامًا، لكن ها هي قواته تقوم سنوياً في يوم 11 محرّم بمحاصرة كل الطرق المتّجهة إلى موقع دوار اللؤلؤة خوفاً من أن يتجه شبّان من منطقة العزاء المركزي في قرية الديه إلى ذلك المكان. هذه هي الحقيقة الباقية.
اليوم تعود شعوب منكوبة تفكّر من جديد بالانتفاض والثورة على كل هذا الخراب، فها هي مصر شهدت مظاهرات محدودة بعد سنين من المَوات، فهل هنا من يعتبر؟
أبداً، لا شيء يشير لأي اعتبار، فالحكومة عادت لاقتراض ملياري دولار رغم ما تلقته من أموال من ثلاث دول خليجية، وتكاد تذهب نصف الموازنة العامة لوزارتي الداخلية والدفاع، ولم يعد التذمّر يُوقف قرارات السلطة التي باتت تشفط الأموال علناً من جيوب الناس، ولا تزال حملات القمع، وجلسات محاكمة كل معترض تجري كل يوم.
إنها مقبرة بكت من أحوالها حتى مواليها. صدق ذلك الرجل الصريح الذي لم يستمع لكلامه أحد، بل إنّه للأسف بات الآن أحد ضحايا مصنع القمع الكبير، وأحد سكّان نبوءته.