هل البحرين بمنأى عن ما يحصل في العراق ولبنان؟

بعد أسبوعين من التظاهرات أعلن الرئيس اللبناني سعد الحريري استقالة حكومته
بعد أسبوعين من التظاهرات أعلن الرئيس اللبناني سعد الحريري استقالة حكومته

2019-10-29 - 11:52 م

مرآة البحرين (خاص): جددت احتجاجات العراق ولبنان تيّار الرّفض الصّاعد وسط الشعوب العربية إزاء الأوضاع والذي انطلق قطاره في العام 2011. رغبات الإصلاح والتغيير وسط الشباب العربيّ اليائس لايبدو أنها في طريقها إلى أن تنتهي رغم الثورات المضادّة.

قبل العراق ولبنان كان شعبا الجزائر والسودان يرسمان بصمتهما الخاصّة على تيّار الأحداث. وقد استطاعا إنجاز نصف المهمّة عبر الإطاحة بنصف النظامين القديمين لكن ما يزال هناك الكثير من العمل أمامهما. 

وفي مصر أدّى ظهور المقاول محمد علي إلى تحريك الوضع المصريّ وتقديم أدلّة جديدة على أنّ انتصار الثورات المضادّة ليس سوى مسألة مؤقتة. إنها موجة رفض جديدة مستأنفة لما حصل في 2011. فهل تظلّ البحرين بعيدة عن كلّ ذلك؟

لقد كانت البحرين من أوائل الدول المستجيبة لحراكيّ الشعبين التونسي والمصري في 2011. ما هي إلا أسابيع قليلة حتّى وجد الشباب البحريني اليائس والمتململ طريقه إلى دوّار اللؤلؤة ليستقرّ فيه شهراً قبل أن تنتهي الأحداث تراجيدياً بالشكل الذي بتنا نعرفه. وكان تقرير القاضي شريف بسيوني أحد الوثائق التاريخية المهمّة على يوميات هذه الأحداث التي أصبحت بحوزتنا والتي ستبقى معنا طويلاً. 

ثمّة موجة ثورية عربيّة صاعدة الآن. وهي تعصف باجتماعيْن يحظيان بحدّ معقول من التمثيل الشعبيّ الذي لا يتوافر مثله في البحرين. لكنّ هذا لم يكن حائلاً دون تحرّك قطاعات شعبيّة واسعة باحثة عن تمثيل أفضل وعن حلول لمشكلاتها. 

قبال ذلك تبدو البحرين رقعة هادئة. لكنه هدوء كاذب يسخَن على مرجل جمر. لقد تركت أحداث 2011 بلداً ممزّقاً جريحاً أبناؤه في السجون أو المنافي. أما نخبه وقواه المدنيّة فهي مهيضة الأجنحة ومهانة. وحدهم المنافقون ومسّاحو الجوخ لديهم الكلمة. على هذا فالبحرين بلد هاديء لأن هناك فقط قبضة أمنيّة قويّة غير مسبوقة تحصي على الناس أنفاسهم. وقد حوّلت البحرين إلى بلد شموليّ يعاقب الشيعة أغلبيّة البلاد على التطرّق إلى قاتل إمامهم حفيد النبي (يزيد بن معاوية)!

ولدى البحرين (1.5 مليون نسمة) أوضاع اقتصاديّة وأمثولة في الفساد شبيهة بتلك التي لدى العراق (38 مليون نسمة) ولبنان (6 مليون نسمة). 

يبلغ الدين العام للعراق 65 مليار دولار ولبنان 85 مليار دولار بحسب أحدث البيانات المالية للعام 2019. أما في البحرين فقد كشف تقرير ديوان الرقابة المالية الأخير 2019 عن أن الدين العام واصل الصعود حتى في ظل برنامج التوازن الخليجي لإنقاذ ماليّة البحرين بما يكذّب كل التقارير الإيجابية التي عملت الحكومة على بثها خلال هذا العام. 

فقد بلغ الدين العام 13.9 مليار دينار بحريني (حوالي 37 مليار دولار أمريكي). أي نحو نصف الدين العام العراقي وثلث الدين العام اللبناني. أما الفساد فيحدّثنا تقرير ديوان الرقابة سنويّاً عن ما يحدثنا عن مثله اليوم متظاهرو العراق ولبنان. فما الذي لدى البحرين تفاخر به على البلديْن المذكوريْن؟ لا شيء على الإطلاق!

مع ذلك يصعب التكهّن بأنّ البلاد تتّجه إلى ثورة. فيما كان الشباب البحرينيّ يملأ شوارع العام 2011 ويناضل ويستشهد كان كل من الشباب العراقي واللبناني والجزائري والسودانيّ يراقب بصمت ويستوعب. لم ينخرط أي من شعوب هذه البلدان في موجة 2011 وتأخروا في الثورة على أوضاعهم مدّة ثمانية أعوام. يراقب الشباب البحريني ما يحصل في هذه البلدان الآن تماماً كما فعلت شعوبها من ذي قبل.

أما تاريخ البحرين فينبئنا منذ العشرينات عن زلزال كاسح مطلع كل عقد، كما تكرر باستمرار الأدبيّات الشعبيّة. ما يزال لدى الحكم الخيار كي يتفادى زلزالا شبيهاً بـ2011 عبر تقديم تنازلات تعيد وصله بشعبه قبل أن يضطرّ إلى تقديم أضعافها في المستقبل.