الحكومة البحرينية تهاجم الناشطات، وسياسات ترامب تشجعها على ذلك

تظاهرة نسائية تطالب بالإفراج عن المعتقلات البحرينيات (أرشيف)
تظاهرة نسائية تطالب بالإفراج عن المعتقلات البحرينيات (أرشيف)

لوسيلا برويك وبريدجيت كوايتر - مجلة مس الأمريكية - 2019-12-04 - 9:32 م

ترجمة مرآة البحرين

في العام 2017، وجدت المدافعة البحرينية عن حقوق الإنسان ابتسام الصائغ نفسها جالسة في غرفة مظلمة، أمام ضابطين، لا يوقفان التّدخين، من جهاز الأمن الوطني البحريني. سخر منها أحدهما، بعد أن قدّم نفسه على أنه "جلاد" بالقول إنه "لن يسمعك أحد في هذا المكان. لا أحد يستطيع حمايتك هنا ، لا مجلس حقوق الإنسان أو أي منظمة أخرى. أنت تعرفين أنّ لدينا ضوءًا أخضر من ترامب ، أليس كذلك؟ "

كانت سنة وحشية في جزيرة البحرين الصغيرة، موطن الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية والحليف الرئيس للولايات المتحدة في الخليج. بدأت الحكومة، بقيادة مملكة آل خليفة، حملة صارمة ومستمرة، شهدت حل جميع جماعات المعارضة السياسية ووسائل الإعلام المستقلة بالقوة وتعذيب الآلاف بتهم سياسية، وسط اتهامات بتفشي التّعذيب وانتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة. كانت ابتسام قد عادت مؤخراً من الأمم المتحدة في جنيف، حيث تحدثت عن القمع في البحرين.

باعتقال ابتسام وتعذيبها، كانت الحكومة توجه رسالة: لن يتم التسامح مع هذا.

منذ فترة طويلة، لعبت النساء، مثل ابتسام، دورًا مركزيًا، وإن كان يتم تجاهله، في حركة المعارضة في البحرين. مع تزايد استهداف الحكومة للنساء لآرائهن أو آراء أقربائهن، بدأ كثيرون بالتقدم. عملت منظماتنا، معهد البحرين للحقوق والديمقراطية وأمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين، مع تسع نساء لتبادل قصصهن. يتتبع التقرير الناتج، "كسر الصمت"، مسار هؤلاء النسوة -من الاعتقالات، إلى الاستجواب والمحاكمات، وحتى احتجازهن في مركز مدينة عيسى، وهو السجن الوحيد المُخّصص للنساء في البحرين. كشفنا عن أنماط مروعة من سوء المعاملة، من المحاكمات الصعبة إلى التعذيب والعنف الجنسي.

واجهنا عقبات كبيرة أمام عملنا منذ البداية. الدولة البحرينية شديدة المعارضة في وجه الرقابة، ما يجعل من المستحيل عمليًا زيارة البلاد للبحث. لم يُسمَح للمقررين الخاصين للأمم المتحدة بالدخول إلى البحرين منذ العام 2006، في حين مُنعت مجموعات حقوق الإنسان، بما فيها منظمة العفو الدولية، من الوصول إليها منذ العام 2015. ومع ذلك، من خلال مكالمات هاتفية منتظمة مع السجينات وعائلاتهن، فضلاً عن تحليل الأحكام القضائية والطبية التقارير والتعليقات من علماء النفس والخبراء القانونيين، كوّننا معًا صورة متماسكة عن تجاربهن.

عندما جمعنا قصصهن، أصبحت الطبيعة المنهجية لانتهاكات الحكومة واضحة. خلال الاستجوابات الوحشية، عانت النساء من عنف شديد، بدءًا من التهديدات بالاغتصاب أو الموت إلى الضرب والاعتداء الجنسي ومشاهدة تعذيب الأقارب. لإنهاء هذه الانتهاكات، وافقت الكثيرات على التوقيع على اعترافات مكتوبة مسبقًا، استخدمها لاحقًا القضاء البحريني، المدان على نطاق واسع، لإدانتهن. عندما حاولن إثارة سوء المعاملة في المحكمة، تم طردهن من قبل القضاة.

بمجرد الحكم عليهن، تم فصل النساء لإساءة معاملتهن في سجن مدينة عيسى بسبب وضعهن السياسي، كما هو شائع في نظام السجون البحريني. وقد أبلغن عن تدابير عقابية، بما في ذلك القيود المفروضة على الزيارات العائلية والتمييز الديني والاعتداء البدني والإهمال الطبي. لم ترَ اثنتان من النساء اللاتي ما زلن في السجن اليوم، وهما مدينة علي وهاجر منصور، أطفالهما إلا مرة واحدة فقط خلال العام الماضي- وهي الزيارة التي مُنحت لهما فقط بعد ضغوط دولية كبيرة.

تؤثر الموروثات المتعلقة بإساءة معاملة المرأة عليها حتى يومنا هذا. ذكرت ابتسام أنها لم تعد قادرة على النوم في الظلام أو تحمل رائحة السجائر، فكلا الأمرين ينقلها على الفور إلى الغرفة العابقة برائحة الدخان، حيث تعرضت للتعذيب. أبلغت أخريات عن صدمة نفسية لأطفالهن الصغار بسبب انفصالهم عنهن لفترة طويلة. كما أن وصمة العار المرتبطة بالسجن تجعل العودة إلى المجتمع صعبة: بعد إطلاق سراحها في أعقاب حملة دولية ضد إدانتها غير القانونية، تم طرد ناجح يوسف من قبل صاحب عملها الذي شكك في نزاهتها بسبب سجلها الجنائي.

وقالت لنا نجاح إنه "في بعض الأحيان أتحدث بشكل طبيعي عن محنتي، لكن الحقيقة هي أنني أشعر بالنزف من الداخل. إنه أمر مؤلم ، وليس لدي أي فكرة متى سينتهي كل هذا ".

في حين قد تبدو الانتهاكات في البحرين قد تبدو بعيدة، تمارس الولايات المتحدة تأثيرًا هائلاً على البلاد، وقد ساهمت السياسة الأمريكية بفعالية في حملة القمع. منذ انتخاب ترامب، تم إلغاء شروط حقوق الإنسان، التي فُرِضَت في عهد أوباما على مبيعات الأسلحة، ووافقت وزارة الخارجية على  صفقات غير مسبوقة، تبلغ قيمتها 8.5 مليار دولار، من مبيعات أسلحة وترقيات وخدمات وتدريب. وعلى الرغم من الأدلة التي تشير إلى أن بعض هذا التمويل ذهب مباشرة إلى الهيئات المتورطة في إساءة معاملة النساء اللاتي قابلناهن، لا تفرض الولايات المتحدة أي شروط لحقوق الإنسان على استثماراتها الكبيرة في البحرين.

يبدو أن ترامب منح "الضوء الأخضر" لحملة القمع البحرين خلال زيارة دولة في مايو/أيار 2017، حيث وعد بإنهاء "الضغط" الذي فرضه سلفه على العلاقات بين الولايات المتحدة والبحرين. بعد يومين، فتحت الشرطة البحرينية النار على مظاهرات سلمية في قرية الدّراز، في ما وصفته مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بأنها من بين أكثر العمليات "دموية" منذ سحق ثورة البحرين المؤيدة للديمقراطية في العام 2011. وشجّع التحول المحافظ في أمريكا في السياسة الداخلية أيضًا  انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين: بعد أيام من إعلان البيت الأبيض استئناف عمليات الإعدام الفدرالية في يوليو/تموز 2019، أعدمت البحرين ضحيتين للتعذيب وسط احتجاجات دولية؛ وعند طلب التعليق من سفارة البحرين في واشنطن بشأن عمليات الإعدام، أشارت [في بيانها] بوضوح إلى القرار الأمريكي.

حماس ترامب للسلطوية، والذي يخفيه بالكاد،  يعزز مناخ الإفلات من العقاب في المنطقة. في البحرين، يعني هذا أنّ المعتدين أحرار في العمل من دون خوف من العواقب. عندما استقبل ترامب ولي عهد البحرين لمناقشة صفقات الأسلحة الشهر الماضي، أبلغه رسالته بوضوح: واصل شراء الأسلحة، وسنلازم الصمت بشأن انتهاكات حقوق الإنسان.

بالنسبة إلى النساء اللاتي عملنا معهن، علمهن بأنه يمكن القبض عليهن مرة أخرى في أي وقت هو من بين أكثر الجوانب رعبًا في تجربتهن بأكملها. لقد حان الوقت لكي يوضح الكونغرس أنه لا يمكن التسامح مع هذه الانتهاكات.

هؤلاء النساء التسع قد كسرن الصمت. الآن الأمر متروك لنا لرفع أصواتنا والتأكد من أن جهودهن لم تذهب سدى.

النص الأصلي