سايمون هندرسون: البحرين بعد رئيس الوزراء
سايمون هندرسون - معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى - 2019-12-24 - 9:41 م
تحرير مرآة البحرين
"يُعتبَر خليفة بن سلمان آل خليفة الذي يرأس الحكومة البحرينية منذ فترة طويلة شخصاً يستحيل أساسًا الاستغناء عنه. فخروجه من السلطة يعني نهاية الثلاثية الحاكمة الراهنة التي تتمثل في الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والشيخ خليفة، وولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة. ولا تزال تركيبة السلطة الجديدة التي ستنبثق بعد ذلك غير واضحة. وبالفعل، فإن السباق على النفوذ قد حدث بشكل ملموس.
وفي هذا السياق، تبحث هذه الدراسة النتائج التي قد تترتب عن ذلك، وأبرز الشخصيات المعنية، والجهات الفاعلة الخارجية المهمة".
في اللغة العامية السياسية في البحرين، يُعرف الملك حمد ببساطة بلقب "جلالة الملك"، أما ابنه الأكبر ولي العهد الأمير سلمان فيُطلق عليه لقب "ولي العهد"، في حين يُشار إلى عمّ الملك، أي الشيخ خليفة، بـ"رئيس الوزراء". وقد بقيت صور هؤلاء الثلاثة معلقة في المكاتب الحكومية على مدى عقدين من الزمن. لكن رئيس الوزراء البالغ من العمر 84 عامًا هو الأكبر سنًا بينهم، ويمكن اعتباره الأكثر تمرسًا في الحكومة كونه يتبوأ هذا المنصب منذ عام 1971 حين كان والد الملك (شقيق رئيس الوزراء) حاكمًا للبحرين. ومع أن رئيس الوزراء "غير تشط بشكل متزايد" هذه الأيام - كما يقول أحد المتابعين المحليين - يُوصف الملك بأنه "المتربع على العرش" منذ سنوات عديدة" في حين أن رئيس الوزراء هو "الممسك بمقاليد الحكم".
في عام 1971 نالت البحرين استقلالها الكامل عن بريطانيا التي كانت حتى ذلك الحدن تتحكم بالعلاقات الخارجية للدولة. وأصبحت البحرين مملكة في عام 2002 على أثر استفتاءٍ اجري في العام الذي سبق. فأجرى حمد، الذي كان حاكمًا بالفعل أو "أميرًا"، انتخابات نيابية، ومنح المرأة حق التصويت، وأطلق سراح سجناء سياسيين. وبعد عام 2002، أصبح الأمير حمد يُعرف بالملك حمد ليكون بذلك الحاكم الوحيد في الخليج الذي يحمل هذا اللقب، باستثناء العاهل السعودي. وتعكس تركيبة السلطة الراهنة الشخصيات والتّحديات التي تواجه البحرين، حيت تحكم العائلة المالكة السنية أكثر من 1,4 مليون نسمة، نصفهم تقريبًا من العمال الأجانب وعائلاتهم. أما المواطنون البحرينيون فغالبيتهم من الطائفة الشيعية وتُقَدَّر نسبتهم بـ 65 في المائة من إجمالي عدد السكان. وفي حين لا تميّز البيانات الرسمية من جهتها بين المسلمين السنة والشيعة، إلا أن المسؤولين الحكوميين غالبًا ما يصرّحوا بشكل غير رسمي أن النسبة متساوية بين السنة والشيعة أو أن الشيعة أصبحوا اليوم أقلية.
وينتهج الملك حمد سياسة قائمة على تعزيز الحرية الدينية والتعايش في جميع أنحاء العالم، مدعيًا أن البحرين تتسامح مع جميع الأديان، رغم عدم توافق هذا الادعاء جيدًا مع سمعة البحرين بأنها متحيزة" ضد سكانها الشيعة. ومن حيث الشخصية، يصف الدبلوماسيون الملك البحريني بأنه متردد وبصانع القرار المتقلب الذي يسعى إلى تجنب المواجهة. أما ابنه الأكبر، ولي العهد الأمير سلمان الذي يشغل أيضًا منصب النائب الأول لرئيس الوزراء، فلا يزال يتعافى من الغضب الذي وجهه إليه بعض أفراد العائلة المالكة بشأن تنازلاته المقترحة للجماعات الشيعية خلال فترة العنف التي مرّت بها البحرين عام 2011، في إطار ما عُرف بـ "الربيع العربي" الذي اجتاح الشرق الأوسط. وفي المقابل، أصبح ينظر إلى الشيخ خليفة - الذي تلاشت سمعته التي كانت [توصف] في وقت ما كـ "عرّاب" المتشددين في العائلة المالكة الأوسع - على أنه يتمتع بعلاقات مع مختلف الطوائف ويتميز بمهارات كبيرة في التعامل مع "الناس".
معلومات أساسية
تتكون البحرين، التي يعني اسمها حرفيًا "بحران"، من جزيرة رئيسية وحوالي ثلاثين جزيرة أصغر حجماً. وتواجه تحديات جغرافية وتاريخية على حد سواء. ويربطها بالساحل السعودي طريق يمتد على مسافة 16 ميلًا، وتُعتبر مساحتها الأصغر بين دول «مجلس التعاون الخليجي». ومن تبعات هذا الأمر أن العلاقة الأوثق للبحرين هي مع الرياض. ومن الأمور المركزية في نظر الحكومة السعودية هو قلقها من أن يؤدي أي استياء شيعي في البحرين إلى تأجيج التوترات في المنطقة الشرقية للسعودية، حيت يتواجد معظم النفط السعودي ويشكل فيها الشيعة أغلبية محلية. وثمة واقع مقلق آخر في هذا الإطار، وهو أن البحرين تقع في وسط المنطقة الجنوبية من الخليج.
على بعد 110 أميال من إيران، التي حكمت الجزيرة البحرينية في الماضي. ومما يثير امتعاض البحرين أن السياسيين الإيرانيين يتترحون أحيانًا فكرة إعادة هذا الرابط. (في عام 1970، خلصت دراسة استقصائية أجرتها الأمم المتحدة إلى أن غالبية البحرينيين يريدون الاستقلال الكامل، وهو استنتاج صادق عليه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 278. وعقب ذلك، تخلى شاه إيران عن المطالبة بهذه المنطقة).
وكان اقتصاد البحرين يعتمد على استخراج اللؤلؤ إلى حين اكتشاف النفط. بيد أن احتياطياتها من النفط التقليدي كانت دائماً متواضعة وأصبحت اليوم شبه مستنفدة. لذا فإن اكتشاف الزيت الحجري مؤخرأ قبالة الشاطئ قد يعزز حظوظ هذه الجزيرة إذا تم تطوير آلية عملية لاستخراجه. وتجدر الإشارة إلى أن دبي قد تخطت منذ فترة طويلة القطاع المالي البحريني الذي كان مهمًا في السابق. بالإضافة إلى ذلك، تملك البحرين حوضاً جافًا لإصلاح السفن ومصنعًا لصهر الألومنيوم، ولكن النفط يبقى أساس الاقتصاد الذي يعتمد على حصة البحرين البالغة خمسين في المائة من حقل "أبو سعفة" النفطي الواقع قبالة الساحل السعودي.
معلومات تاريخية
يرجع تاريخ عائلة آل خليفة الحاكمة في منطقة الخليج إلى حوالي عام 1675، حين غادر بعض أفرادها مع آخرين وسط الجزيرة العربية واستقروا أولًا في شبه جزيرة قطر ثم في الكويت. ومن هناك، عادوا إلى شبه جزيرة قطر في عام 1762 وقاموا بإنشاء مرفأ ومركز لاستخراج اللؤلؤ في مدينة الزيارة الواقعة على الساحل الشمالي الغربي. وكاتت البحرين تحت سيطرة بلاد فارس (الاسم السابق لإيران) منذ عام 1753. وفي عام 1783، هاجم حاكم البحرين عائلة آل خليفة في الزبارة، لكن قواته مُنيت بالهزيمة، فتراجع إلى بوشهر في الأراضي الإيرانية، تاركًا البحرين دون حماية. وفي غيابه، استحوذ أحمد بن محمد آل خليفة المعروف بأحمد الفاتح على الجزيرة. تميّزت أوائل القرن التاسع عشر بخصومات داخل العائلة وتوترات مع القبائل في المناطق التي أصبحت معروفة اليوم بقطر والسعودية. وكان محمد بن خليفة آل خليفة الذي تولى السلطة في البحرين من عام 1834 إلى 1868 أقدم حاكم في تلك الحقبة. وما ساعده على البقاء في منصبه هو المعاهدة الموقعة مع بريطانيا عام 1861 والتي وافق بموجبها على وقف الأنشطة الحربية في شبه الجزيرة القطرية والمناطق الأخرى مقابل حصوله على الحماية من الغزو البحري الذي قد تشنّه القبائل المعادية ضده. وبقي هذا الوضع مُجديًا إلى حد ما حتى عام 1868 حين شنّ، بالتعاون مع زايد الأول من أبوظبي، هجومًا على مدينة الدوحة التي أصبحت اليوم عاصمة قطر. وعقابًا على ذلك الهجوم، قام المبعوث السياسي البريطاني المطلق الصلاحية في البحرين بإقالة محمد من الحكم واستبداله بأخيه علي. بيد أن علي قتل في غضون عام في معركة ضد قوات محمد. فتدخل البريطانيون وعيّنوا ابن علي الثاني، المدعو عيسى، حاكمًا بالتوافق بين مشايخ القبائل. وتجدر الإشارة بشكل ملحوظ إلى أن الاختيار لم يقع على خالد، الابن الأكبر لعلي.
وحكم عيسى أكثر من خمسين عامًا، وتميزت تلك الفترة في البداية بالسلام والازدهار النسبي، ولكن إدارته ازدادت ضعفًا بموور الوقت. فقد أساء أفراد آخرون من عائلة آل خليفة استخدام السلطة وقاموا باضطهاد السكان الشيعة. ونتيجة لذلك، قام البريطانيون في النهاية بإقالة عيسى في عام 1923 واستبدلوه بنجله حمد، الذي استخدم لقب نائب الحاكم حتى وفاة عيسى عام 1932، عندما أصبح هو الحاكم. ويقال إن عيسى كان يفضّل ابنه الأصغر عبد الله خلفًا له ولكن البريطانيين منعوه.
البكورة
في عام 1898، توفي شقيق حمد الأكبر، سلمان - حين أصيب بالطاعون أثناء عودته من الحج. وكان حمد الابن الأكبر الباقي على قيد الحياة وليس البكر الذكر لأبيه. ومع ذلك، يعتبر وصول حمد إلى السلطة أساس مبدأ البكورة في الخلافة البحرينية. والسؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه هنا هو مدى رسوخ هذا المبدأ. فحين توفي عيسى بن سلمان، والد الملك الحالي، في عام 1999 بعد أن استلم الحكم في عام 1961 كانت هناك تكهنات بأن ابنه الأكبر حمد ليس هو من سيخلفه بل إن رئيس الوزراء الشيخ خليفة، الذي هو شقيق عيسى، سيغتنم الفرصة بسبب سمعة حمد في كونه ضعيفاً. ولكن ذلك لم يحدث، ربما بسبب وجود وزير الدفاع الأمريكي آنذاك وليام كوهين في زيارة إلى البحرين خلال وفاة عيسى المفاجئة. واليوم، من المفترض أن يصبح ولي العهد الأمير سلمان البالغ من العمر خمسين عامًا، الملك القادم، لكن النجم الصاعد هو أخوه غير الشقيق، الأصغر سنًا اللواء الركن ناصر بن حمد، قائد "الحرس الملكي" البحريني البالغ من العمر 31 عامًا الذي يرافق والده في رحلاته إلى الخارج وجرى تعيينه مستشارًا للأمن الوطني في تشرين الأول/أكتوبر 2019.
الخوالد
الخوالد هم بنو خالد، أي الأقارب المباشرين للأخ الأكبر للأمير عيسى بن علي، المدعو خالد. وفي عام 1923، تجاهل المبعوث البريطاني مطالبة خالد بالعرش بسبب القسوة التي ثعامل بها خالد وأبناؤه مع القرويين الشيعة، وجرت محاكمته بتهمة القتل في عام 1926، حيث عوقب بالحجز في العاصمة المنامة بينما نُفي أبناؤه لعدة سنوات. وحتى عام 1957، تم منع الخوالد من شغل مناصب حكومية من قبل المبعوث البريطاني تشارلز بلغريف الذي كان يشغل منصبه في الجزيرة لفترة طويلة. لكن الأمير عيسى عمل على إعادة تأهيل العشيرة وأجرى الترتيبات اللازمة لإلتحاق ابن حفيد خالد، خليفة بن حمد، بمدرسة داخلية في بريطانيا مع ابنه حمد. ومنذ عام 1999، ازداد الخوالد قوة تحت حكم حمد بن عيسى، الذي هو الآن الملك حمد، وأصبح اسمهم اليوم مرادفًا للتّشدد، لكن هذا الأمر يمكن أن يكون مضللًا نظرًا لأن بعض الخوالد معتدلون أو غير منخرطين في سياسة العائلة المالكة.
الثغرة التي سيتركها رئيس الوزراء
وفقًا للروايات المتداولة، يقال إن الشيخ خليفة يريد أن يبقى رئيسأ للوزراء حتى وفاته لكي تحمل الصحف في اليوم التالي عنوان "رئيس الوزراء في ذمة الله" وليس "رئيس الوزراء السابق في ذمة لله". والشيخ خليفة هو رئيس الوزراء الأطول خدمة في العالم كونه عُيِّن في عام 1971. وقد بدأ الخدمة الحكومية كمترجم في عام 1952، ولطالما اعثبر ذكيًا ومحنكًا ومحافظًا. ويعتقد أيضًا أنه غني جدًّا، وله شركات محلية كبيرة في قطاعات الفنادق والسياحة والإعلام، التي أصبحت معظمها مسجلة باسم أبنائه ومن بينهم علي بن خليفة الذي هو أيضأ أحد النواب الخمسة لرئيس وزراء البلاد. ولديه أيضًا شركات في الخارج، غالبيتها في آسيا وخاصة في تايلاند، التي يزورها بانتظام. ويعتقد أن صحته تتدهور - فهو لم يعد يترأس الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء، لكن الأخبار الرسمية الدورية عن دخوله المستشفى أو فحوصاته الطبية تأتي دائمًا مطمئنة. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 سافر إلى الخارج، وإلى ألمانيا على ما يبدو، لإجراء المزيد من الفحوصات الطبية.
وتعكس سمعة الشيخ خليفة الدور الذي لعبه في ظل عهد أخيه الأمير عيسى (1961 -1999) وابن أخيه الأمير حمد - حاليا الملك حمد (1999). وكان كلاهما سعيدًا بتفويض مهام الحكم اليومية إلى رئيس الوزراء، على الأقل حتى عام 2002 عندما عيّن الملك حمد ابنه، ولي العهد الأمير سلمان، لرئاسة "مجلس التنمية الاقتصادية" في البلاد، المكلّف بالتخطيط البعيد المدى. وينظر إلى الأمير سلمان على أنه ليبرالي سياسي ومحرك للإصلاح الاقتصادي. وعلى الرغم من الانتكاسات التي حدثت على الجبهة السياسية في اتصالاته مع الزعماء الشيعة، إلا أن مكانة الأمير سلمان تعاظمت منذ تعيينه نائبًا أول لرئيس الوزراء في عام 2013. ويفؤض الملك حمد الأمير سلمان بمهام [معينة] في الأوقات الحرجة، كما حدث في المؤتمر الاستثماري "دافوس الصحراء" الذي أقيم في الرياض في عام 2018 بعد أسابيع قليلة من مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي، حين أجلسه الملك بجانب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في بادرة تضامن، وكذلك الأمر حين جعله يترأس ورشة عمل "السلام من أجل الازدهار" التي أجريت في المنامة عام 2019، وتم خلالها تبادل الأفكار حول الاستراتيجيات الاقتصادية الكفيلة بتعزيز السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
الحُكّام والعهود
- عيسى بن علي 1869 - 1932
(انتقل الحكم إلى نجله حمد عام 1923)
- حمد بن عيسى 1932 - 1942
- عيسى بن علي 1869 - 1932
- سلمان بن حمد 1942 - 1961
- عيسى بن سلمان 1961 - 1999
(توفى بنوبة قلبية مفاجئة)
- حمد بن عيسى 1999 -
الشخصيات البارزة من الخوالد
- خالد بن أحمد بن سلمان، 77 عامًا، وزير الديوان الملكي.
- خليفة بن أحمد بن سلمان، 73 عامًا ، القائد العام لقوة دفاع البحرين، معروف بـ"المشير الركن" عبد العزيز بن عطية ا، 74 عامًا ، المستشار الأمني لرئيس الوزراء
- أحمد بن عطية الله، 53 عامًا ، وزير المتابعة في الديوان الملكي
- محمد بن خليفة، 44 عامًا ، وزير النفط، نجل "المشير الركن"
خالد وخليفة شقيقان، شأنهما شأن عبد العزيز وأحمد. وتربط عائلة عطية لله بالخوالد علاقة قربى بالزواج. ويجب عدم الخلط بين وزير الديوان الملكي خالد بن أحمد بن سلمان آل خليفة ووزير الخارجية خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة.
من سيكون رئيس الوزراء المقبل؟
مهما تكن الظروف التي تضع حدًا لولاية الشيخ خليفة كرئيس للوزراء، قد يتعذر على ولي العهد الأمير سلمان تولي هذا المنصب، بسبب معارضة الخوالد، على الرغم من متصبه الحالي كنائب أول لرئيس الوزراء. أو قد يحصل على لقب رئيس الوزراء بالإسم بينما قد يترك مهام الحكم اليومية لنائب أول جديد لرئيس الوزراء، ولهذا المنصب عدة' مرشحين، هم:
- محمد بن مبارك آل خليفة، 82 عامًا ، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق الذي شغل هذا المنصب لمدة طويلة.
- خالد بن عبد لله آل خليفة، 76 عامًا ، نائب رئيس الوزراء، ومتزوج من شقيقة الراحل الأمير عيسى والشيخ خليفة.
- راشد بن عبد لله آل خليفة، 66 عامًا، وزير الداخلية، المُقرب جدًا من الملك (ابنه عبد لله بن راشد هو سفير البحرين لدى الولايات المتحدة).
ويُعتبر هؤلاء المرشحون بدائل مؤقتة وحيدة للشيخ خليفة. وبما أن جميعهم من عائلة آل خليفة، فإن ذلك يجسد استمرار هيمنة العائلة على الحكومة. كما أن الحكومة الراهنة تضم عشرة أعضاء من آل خليفة - هم رئيس الوزراء، ونواب رئيس الوزراء، ووزراء المالية [والاقتصاد الوطني]، والشؤون الخارجية، والداخلية، والعدل، والديوان الملكي، والمتابعة بالديوان الملكي. وتعدّ هذه النسبة من أفراد العائلة المالكة أكبر من نظيراتها في أي دولة من دول الخليج العربية المحافظة الأخرى.
آخرون جديرون بالاهتمام
في مناطق أخرى في الخليج، أدى بروز الأمير تميم بن حمد آل ثاني في قطر، البالغ من العمر تسعة وثلاثين عامًا، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان البالغ من العمر ثلاثة وثلاثين عامأ، والذي يعتبر القائد الفعلي للمملكة العربية السعودية، إلى انتشار تكهنات كثيرة حول إمكانية اغتنام الملك حمد الفرصة لطرح اسم أحد أبنائه الأصغر سنًا. وينصبّ التركيز على ناصر، نحل الملك حمد، وبدرجة أقل على خالد، شقيق ناصر:
-ناصر بن حمد، 31 عامًا، قائد "الحرس الملكي" ومستشار الأمن الوطني منذ تشرين الأول/أكتوبر 2019.
- خالد بن حمد، 29 عامًا، قائد "قوة التدخل السريع" بـ "الحرس الملكي". وكلا الرجلين من عشاق الرياضة حيث شاركا في العديد من السباقات الثلاثية. وفيما يتعلق بناصر، من الملاحظ عدم اضطلاعه بأي دور سياسي قبل تعيينه مستشارًا للأمن الوطني، ولكنه كان من الواضح أنه المفضل لدى والده. وكلا الابنين متزوجان زواجًا سياسيًا على ما يبدو. فناصر متزوج من ابنة حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بينما تزوج خالد في عام 2011 من الابنة الصغرى للعاهل السعودي الملك عبد الله، إلا أنهما تطلّقا في عام 2015 بعد وصول الملك سلمان إلى العرش.
ويتمتع اثنان من أبناء أخيهما، أبناء ولي العهد الأمير سلمان، بخبرة' عسكرية، وهما:
- عيسى بن سلمان، 29 عامًا، نقيب بحري في القوات البحرية البحرينية، خدم سابقًا في سفن "البحرية الملكية البريطانية"
- محمد بن سلمان، 28 عامًا، آمر كتيبة الدبابات في "قوة' الدفاع البحرينية"، لم تتم ترقيته بعد إلى مناصب عليا
- بالإضافة إليهما: أبناء الشيخ خليفة الأوائل، ولكن من غير المتوقع أن يضطلعوا بأي دور مهم في المستقبل
- علي بن خليفة، نائب لرئيس الوزراء منذ عام 2006، ويوصف بقلة نشاطه (يدير ابنه خليفة "المحافظة الجنوبية" في البحرين)
- سلمان بن خليفة، مساعد لوالده، ومستشار مجلس الوزراء منذ عام 2014.
التداعيات على السياسة الأمريكية
تهتم واشنطن باستقرار البحرين ليس فقط بشكل عام ولكن أيضًا على وجه التحديد لأن الجزيرة تستضيف مقر "الأسطول الخامس الأمريكي" وتقدم التسهيلات المرفئية لسفنه. ويُقَدَّر عدد الجنود والعناصر الأمريكيين المقيمين في البحرين في أي وقت بعشرة آلاف شخص. ويتحاشى الأسطول الخامس لفت الانتباه إليه، ويعتبر وجوده عمومًا غير مثير للجدل باستثناء موقف بعض المتطرفين السياسيين، وذلك بفضل المنافع الاقتصادية والوظيفية التي يوفرها لعامة السكان. وقد أثبتت هذه السياسة أهميتها في الأشهر التي تلت الاضطرابات في عام 2011 والتي شملت في الأصل بعض الناشطين السنة، قبل أن تتحول بسرعة إلى مظاهرات ومواجهات شيعية كبرى مع قوات الأمن. ولكن لم يبلَّغ عن أي هجمات على الأمريكيين أو المنشآت الأمريكية، وتلاشت المشاكل مع وصول تعزيزات من شرطة الإمارات ووحدات الحرس الوطني السعودي. وكان ينظر إلى دور رئيس الوزراء الشيخ خليفة في ذلك الوقت على أنه يستخدم دعم الخوالد لنيل التأييد على [تطبيق] إجراءات صرامة أسفرت عن نتيجة حاسمة.
وبموجب أحكام اتفاقية التعاون الدفاعي الثنائية لعام 1991، تتساهل الحكومة البحرينية إلى حد كبير مع الحركة البحرية والجوية للقوات الأمريكية. ولذا فإن البحرية الأمريكية مرتاحة من وجودها هناك على الرغم من أن احتمال الانخراط - ولو عرضيًا- في مواجهة بين البحرين وإيران أمر غير مرغوب فيه للغاية. وخلال إدارة أوباما، كانت المخاوف بشأن حقوق الإنسان تسود علاقات المنامة بواشنطن. وفي عام 2014، تم طرد مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، توم مالينوفسكي، بسبب اجتماعه بقادة المعارضة. وبالرغم من تحسن الأجواء، استمرت المخاوف بشأن حظر الجماعات السياسية الشيعية فضلًا عن العدد الكبير من الشيعة المحتجزين. ولا يزال المسؤولون الأمريكيون يعتبرون في كثير من الأحيان أنه يمكن معالجة التوترات مع المجتمع الشيعي إذا اتخذت الحكومة البحرينية إجراءات أكثر حكمة. وفي الوقت الحالي، فإن رهان واشنطن على مستقبل البحرين يقوم إلى حد كبير على ولي العهد الأمير سلمان. فحين زار الأمير الولايات المتحدة في أيلول/سبتمبر 2019، التقى بالرئيس ترامب في مكتبه وتناول الغداء مع نائب الرئيس مايك بتس. وعقد أيضأ اجتماعات مع وزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الدفاع مارك أسبر، ومديرة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية جينا هاسبل. ويبدو أن الولايات المتحدة تأمل فى أن يكون تركيز ولى العهد على التنمية الاقتصادية والحاجة إلى إشراك المجتمع الشيعي بدلا من تهميشه، مزيجًا رابحًا. ولكن من غير الواضح ما إذا كانت هذه المقاربة ستستدعي من الخوالد اتخاذ تدابير محبطة في هذا الصدد.
التداعيات على الروابط مع إيران
على غرار المملكة العربية السعودية، قطعت البحرين علاقاتها الدبوماسية مع إيران في كانون الثاني/يناير 2016 بعد تعرض السفارة السعودية في طهران للنهب في أعقاب إعدام رجل دين شيعي سعودي. وكانت النتيجة إيقاف الرحلات الجوية المباشرة والروابط التجارية بين البلدين - وذهبت المصالح التجارية فعليًا لصالح دولة الإمارات المجاورة، التي اكتفت بتخفيض علاقاتها مع إيران بدلًا من قطعها بالكامل. واليوم أصبح البحرينيون الشيعة الذين يرغبون في زيارة المقامات المقدسة في إيران مضطرين للسفر عبر دبي أو العراق. وهنا يعتبر موقف الشيخ خليفة أقرب إلى التشدد حيال إيران بين آل خليفة، وربما يلطّف هذا الموقف القلق بشأن الفرص الاقتصادية المفقودة والمزايا التنافسية التي تسربت إلى دول الخليج المجاورة.
ورغم أن المظاهرات التي اندلعت في عام 2011 نجمت عن توترات محلية، إلا أن إيران شجعت الناشطين آنذاك. وفي عام 2015، 'تم اكتشاف معمل لصنع القنابل ومخابئ للأسلحة مرتبطة بـ «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني، وفي عام 2017 تم تفجير خط أنابيب للنفط. وبخلاف الأنشطة الإيرانية في العراق وسوريا ولبنان، تُعتبر أعمال إيران المضرة في البحرين - أي تقديم الدعم والتدريب للنشطاء الشيعة وقنوات البث المعادية - متدنية نسبيًا في الوقت الحاضر. وعلى الرغم من الانطباعات الأولى عن رئيس الوزراء الشيخ خليفة بأنه متشدد سياسي، يبدو الآن أنه أصبح أكثر لينًا وأبدى مؤخرًا جانبًا توفيقيًا من شخصيته. ففي عام 2019، قام بزيارة العلامة الشيعي البحريني البارز السيد عبد الله الغريفي، الذي عمل على تخفيف التوترات في غياب الزعيم الروحي للطائفة الشيعية في البحرين عيسى قاسم، الذي هو في المنفى في إيران، والزعيم السياسي علي سلمان الموجود في السجن. وبعد رحيل الشيخ خليفة، قد تعيد طهران النظر في خياراتها، خاصة إذا ظهرت بوادر توترات كبيرة داخل عائلة آل خليفة الحاكمة.
التداعيات على العلاقات الخليجية
ساهمت كل من السعودية والإمارات بمساهمة كبيرة وهامة في المساعدات الإنمائية المقدمة للبحرين، مع الإشارة إلى أبوظبي بشكل خاص لمحاولتها ضمان استفادة السنة والشيعة على السواء من هذه المساعدات. وعلى الرغم من هذه العلاقات، توجه الشيخ خليفة في عام 2019 إلى الأمير تميم القطري بالتهاني بمناسبة شهر رمضان، رغم أن قطر تخضع لحصار من قبل السعودية والإمارات ومصر، والبحرين نفسها منذ عام 2017. وبررت المنامة هذا الاتصال مع الدوحة بأنه اجتماعي محض ودون مغزى سياسي، ومع ذلك تم تفسيره على نطاق واسع على أنه .يظهر استياء الشيخ خليفة من العزل المستمر لقطر. ويشار إلى أن المنامة سارت بخضوع تقريبًا وراء الرياض وأبوظبي في موقفها من قطر.
ووفقًا لدبلوماسيين، أُقحِمَت المنامة بالقوة في الحصار، حيت تم منحها مهلة تقل عن أربع وعشرين ساعة للموافقة على قرار جيرانها الأكبر، على الرغم من أن البحرين كانت قد اتصلت بقطر قبل ذلك بأسابيع للحصول على قرض. ومع الإعلان الصادر في تشرين الثاذي/ذوفمبر 2019 عن نية السعودية والإمارات وقطر إرسال فرقها لكرة القدم إلى الدوحة لممشاركة في "كأس الخليج العربي"، أصبح واضحًا أن الخلاف يتراجع إن لم يكن على وشك الانتهاء.
التداعيات على الاتصالات مع إسرائيل
لا يُعتَبَر الشيخ خليفة مؤيدًا متحمسًا لتوطيد الروابط مع إسرائيل، مثل أفراد آخرين من العائلة المالكة، ولكن لا ينُظر إليه أيضًا على أنه يحاول منعها. وبينما كانت تلك الاتصالات تجري بصورة غير علنية، وحتى سرية سابقًا، أصبحت اليوم شائعة تقريبًا. فغي عام 2017، ألقى الشيخ ناصر نجل جلالة الملك كلمة في فعالية أقيمت في "متحف التسامح" في لوس أنجلوس، عزفت خلالها فرقة الشرطة البحرينية النشيدين الوطنيين الأمريكي والبحريني، وترافق الحدث أيضًا مع غناء حماسي للنشيط الوطني الإسرائيلي "هاتيكفاه". وفي وقت لاحق من ذلك العام، قام وفد بحريني ديني مشترك بزيارة القدس، على الرغم من أن الزيارة أثارت سخطًا سياسيًا في البحرين، واضطر الوفد إلى انتظار طمأنة من جلالة الملك بأنه قد تمت الموافقة على الزيارة قبل عودته إلى البحرين. وبعد حضور رؤساء شركات إسرائيلية وصحفيين إسرائيليين ورشة السلام التي رعتها الولايات المتحدة في المنامة في منتصف عام 2019، شارك دبلوماسي إسرائيلي علناً في اجتماع حول الأمن البحري. ومع ذلك، تبدو العلاقات الدبلوماسية الرسمية بعيدة المنال، ومن المرجح أن تستدعي أولًا خطوة مهمة من قبل دولة خليجية أخرى، خاصة السعودية.
وعند رحيل الشيخ خليفة عن الساحة السّياسية، لن يبقى على الساحة السياسية الإقليمية سوى زعيمين خليجيين نشطين وكبيرين في السن - هما أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح البالغ من العمر تسعين عامًا، وسلطان عمان قابوس بن سعيد آل سعيد البالغ من العمر 79 عامًا والذي يحتفل في عام 2020 بمرور خمسين عامًا على توليه السلطة (علمًا بأن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود البالغ من العمر ثلاثة وثمانين عامًا، ورئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، لا يضطلعان اليوم بأي دور جوهري في السياسة). وثمة حقبة تاريخية تشرف على الانتهاء لعب فيها الشيخ خليفة دورًا رئيسيًا على الرغم من أنه لم يحمل لقب ملك أو أمير.
* سايمون هندرسون هو زميل "بيكر" ومدير "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" فى معهد واشنطن.
- 2024-11-13وسط انتقادات للزيارة .. ملك بريطانيا يستضيف ملك البحرين في وندسور
- 2024-08-19"تعذيب نفسي" للمعتقلين في سجن جو
- 2024-07-07علي الحاجي في إطلالة داخلية على قوانين إصلاح السجون في البحرين: 10 أعوام من الفشل في التنفيذ
- 2024-07-02الوداعي يحصل على الجنسية البريطانية بعد أن هدّد باتخاذ إجراءات قانونية
- 2024-06-21وزارة الخارجية تمنع الجنسية البريطانية عن ناشط بحريني بارز