فيروس كورونا أوقف عروضات سيرك محمد بن سلمان. ما الذي سيفعله الآن؟

الكعبة المشرفة بعد إخلائها بسبب فيروس كورونا
الكعبة المشرفة بعد إخلائها بسبب فيروس كورونا

مضاوي الرشيد - : موقع ميدل إيست آي - 2020-04-07 - 7:04 م

ترجمة مرآة البحرين

المدن المقدسة في المدينة المنورة ومكة المكرمة هادئة وخالية من الحجاج. وتم إغلاق دور السينما والملاعب الرياضية وأماكن الحفلات الموسيقية.

تهدد جائحة الفيروس التاجي الرواية الجديدة عن شرعية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

رؤيته 2030 وبرنامج التحول الوطني يتعثران الآن. لا يشكل انهيار أسعار النفط، وبرامج الترفيه المؤجلة، والسياحة المتوقفة إلا جزءًا قليلًا من مشاكله،  وكلها نتيجة مباشرة لعمليات الإغلاق وحظر التجول والتباعد الاجتماعي المفروض في أعقاب جائحة الكورونا.

وفي حين لا تزال الأرقام الدقيقة للإصابات والوفيات في المملكة غير واضحة، يعكس القرار الأخير بفرض حظر تجول في المدينتين المقدستين خطرًا متزايدًا يتحدى الدعاية السابقة حول أن الحكومة كانت مسيطرة على المشكلة، وأنها كانت على نحو دقيق قضية "شيعية".

الطائفية السحيقة

في بداية تفشي المرض، أرسل محمد بن سلمان قواته بسرعة لمحاصرة القطيف، حيث تقطن غالبية شيعية، وبالتالي أرسل رسالة قوية مفادها أن السعوديين الذين تحدىوا حظرًا مفروضًا سابقًا على زيارة إيران أعادوا معهم مرضًا خطيرًا ومعديًا.

تم تطويقهم في بلدتهم في حين شاركت بروباغندا الدولة في منح جائحة الفيروس التاجي بعدًا طائفيًا في البلاد. ولم تمضِ إلا أيام معدودات قبل ظهور السعوديين المصابين في المدن الكبرى مثل الرياض وجدة.

تواجه مكة والمدينة الآن حظر تجول صارم  قد يسري لبعض الوقت، وبالتالي يهدد سياسة لزيادة عدد الحجاج، غالبًا ما يشار إليها باسم "السياح المتدينين" كجزء من حملة لتنويع الاقتصاد.

طُلِب من المسلمين حول العالم عدم وضع خطط للحج السنوي في أغسطس/آب من هذا العام. وتوقفت العمرة، وهي حج صغير، تمامًا مع إغلاق الحرم الشريف حتى للصلاة.  طُلِب من أئمة المسجد العودة إلى منازلهم.

نهاية سيرك الولاء

يقوض فيروس كورونا حاليًا أجندة ولي العهد المفرطة في وطنيتها، والتي تحتاج إلى حشود شابة للتعبير عن فرحتهم وتصفيقهم في حفلات البوب ​​وملاعب كرة القدم ومباريات الملاكمة. اختفوا جميعًا من قاعات الحفلات الموسيقية والمسارح ودور السينما التي أقيمت مؤخرًا في المدن الكبرى.

شكّلت حفلات الشوارع لحظة عابرة من المرح والاسترخاء، ولكن قبل كل شيء، كانت هناك فرص للإشادة بالسيرك الترفيهي الذي أطلقه مؤخرًا محمد بن سلمان. السيرك،  الذي تم التباهي فيه بالولاء لولي العهد، ذكرى باهتة الآن.

سيتعين على ولي العهد الآن توفير الخبز بدلاً من السيرك - لكن عائدات المملكة العربية السعودية، المتضائلة من انهيار أسعار النفط، ستحد من قدرة محمد بن سلمان على تمويل قسائم الولاء والطاعة للرعايا المخلصين.

والاعتماد على الاحتياطيات السيادية والاقتراض من الأسواق العالمية هما خياراه الوحيدان.

جعل فيروس كورونا عبادة شخصية ولي العهد غير مرئية في مراكز التسوق والساحات والشوارع المهجورة -فقط صوره الصامتة تزين المساحات الفارغة. وتكافح دعايته عبر الإنترنت لتحويله إلى أيقونة افتراضية، ومنقذ من تهديد فيروس كورونا.

في أوقات الأزمات، ينسحب ولي العهد فجأة من المشهد العام. على سبيل المثال، مباشرة بعد مقتل جمال خاشقجي في إسطنبول، ظهر والده، الملك سلمان، بشكل غير عادي في جميع أنحاء البلاد ، معززًا دعم ابنه المتهم.

الخبز فوق الدعاية

في الآونة الأخيرة، خاطب الملك الأمة واصفًا الفيروس التاجي بأنه تحدٍ. وقد تم تعيينه فيما بعد كالشخصية الأساسية في القمة الافتراضية لمجموعة العشرين، والتي نظمها مؤخرًا المركز الإعلامي للمملكة في الرياض. وبالدعوة إلى تعاون عالمي لمكافحة فيروس كورونا، خدمت جهود الملك سلمان الدعاية ولم تسفر  عن نتيجة غير الضجيج.

مع ذلك، قد لا يتمكن ولي العهد من الاختباء في ظل والده لفترة طويلة، إذ إن الجائحة تكشف حتى أكثر أنظمة الحكم انفتاحًا وديمقراطية، ناهيك عن الحكام المستبدين المركزيين الذين لم يعد بإمكان خطابهم طمأنة الشعوب اليائسة.

السعوديون، كبقية العالم، محاصرون في أمان منازلهم، يتفكرون في مستقبل غامض، مع دولة رفاهية متقلصة، غير قادرة بعد على إنفاق المال على رفاهيتهم، وتوفير الوظائف، والرواتب الباهظة، والمرافق الصحية ، وخدمات الإسكان والتعليم.

الاقتصاد القائم على النفط يعاني من ضغوط، وقد لا تعود العائدات إلى المستويات التي  وصلت إليها في أوقات سابقة.

قد لا يأتي الحجاج في أغسطس/آب، ما يضيف ضربة أخرى لاقتصاد يكافح من أجل تحرير نفسه من الاعتماد على النفط. ومع توقف الاقتصاد العالمي، قد تفقد المملكة العربية السعودية فرصتها في أن تصبح وجهة مفضلة للاستثمار الأجنبي.

سيواصل محمد بن سلمان البحث عن مصادر شرعية جديدة يقنع بها رعاياه المترددين. وستثبت قدرته على إدارة أزمة الفيروسات التاجية ما إذا كان فعلًا المنقذ الذي تزعمه دعايته.

النص الأصلي