السجناء البحرينيون في لعبة روليت روسية مع فيروس كورونا

الناشط البحريني نبيل رجب والدكتور عبد الجليل السنكيس(أرشيف)
الناشط البحريني نبيل رجب والدكتور عبد الجليل السنكيس(أرشيف)

إيفان جونز - موقع TRT World التركي - 2020-04-29 - 6:39 م

ترجمة مرآة البحرين

في جميع أنحاء العالم، تتدافع الحكومات لوضع سياسات وقوانين ولوائح جديدة لحماية مواطنيها من الانتشار القاتل المحتمل لفيروس كورونا. من النمسا إلى أستراليا، أمّنت الدول حدودها وقلّصت تحركات السكان لضمان حدوث التباعد الاجتماعي - وهو إجراء وقائي رئيسي ضد الانتشار الأولي للفيروس.

في عدد من الحالات، نفّذت الحكومات أيضًا مجموعة من الإجراءات الأخرى لتقليل التأثير على السكان المعرضين للخطر داخل حدودها. ومن بين تلك التعهدات التي قامت بها بعض الدول إطلاق سراح بعض السجناء من زنازين السجون المكتظة وغير الصحية في غالبية  الأحيان.

في منتصف مارس/آذار، واستجابة للمخاوف العالمية المتزايدة حول "كوفيد-19"، اتخذ ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة خطوة جديرة بالثناء تتمثل في إطلاق سراح 1486 معتقلًا من السجون في جميع أنحاء البلاد.

مع حصول 901 سجينًا على العفو،  وصدور أحكام غير احتجازية على 585 آخرين، يجب أن يحظى الملك حمد على الثناء لمثل هذا الإجراء الحاسم لحماية هذه المجموعة الضعيفة من المواطنين.

ومن دون شك، أنقذ هذا الإجراء، وخاصة في مثل هذا المنعطف الحاسم في الانتشار العالمي للفيروس، حياة عدد من المعتقلين ومسؤولي السجون.

وفي حين أن هذه الخطوة من قبل السلطات البحرينية إيجابية بالتأكيد، وقد تم اتخاذها حتى قبل وقت طويل من دعوة المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليت الحكومات إلى اتخاذ إجراء مماثل، يجب على العالم أن يكون حذرا في الثناء بصوت عالٍ جدًا. وهذا بسبب واقع بسيط مفاده أن السجناء الذين تم إطلاق سراحهم تم اختيارهم بعناية، مع تغييب قادة المعارضة أو نشطاء حقوق الإنسان أو منتقدي الحكومة الآخرين بشكل ملحوظ من هذه المجموعة.

على الرغم من حقيقة أن عددًا من سجناء الرأي يعانون من أوضاع محفوفة بالمخاطر بشكل لا يصدق، وهم ضعفاء بسبب سنهم الحساس أو ظروفهم الطبية الكامنة، إلا أنه لم يتم التفكير بعد  في الإفراج عنهم. وهذا العمل المتعمد يهدف لمعاقبة الأفراد لمجرد انتقادهم النظام البحريني، ويسلط الضوء على انحراف كبير  [للسلطات البحرينية] عن مجموعة من معايير حقوق الإنسان المقبولة دوليًا.

سجن جو، الذي يقع جنوب العاصمة البحرينية المنامة، هو أحد أكثر المؤسسات الإصلاحية شهرة في المنطقة.

مع سمعته بكونه مكتظًا [بالسجناء]، وهو مكان يتعرض فيه السجناء بشكل روتيني للانتهاكات النفسية والجسدية، وأرض خصبة لتفشي الأمراض، لا عجب أن يكون هناك إدانة دولية واسعة النطاق على مدى السنوات الأخيرة.

وصفت التقارير الواردة من منظمات المجتمع المدني مثل أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين ومعهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان  من بين آخرين، الأوضاع داخل سجن جو بأنها "وحشية وغير إنسانية".

وتصف فاطمة يزبك، وهي رئيسة التقارير والدراسات في معهد الخليج لدراسات حقوق الإنسان، تصف سجني جو ومدينة عيسى بأنها "أماكن للحرمان والإذلال والإهمال واليأس". وقد قدمت هيئات مختلفة تابعة للأمم المتحدة مثل لجنة مناهضة التعذيب ادعاءات مماثلة تلفت الانتباه إلى هذه الظروف المقلقة.

من المهم الملاحظة أن عددًا كبيرًا من سجناء الرأي في البحرين، إما كبار في السن أو يعانون من وضع صحي سيء. ومن خلال  إهمالهم في السجن، يضطر هؤلاء الرجال والنساء للمشاركة في لعبة روليت روسية مع فيروس كورونا.

مع استحالة التباعد الاجتماعي، واعتبار الإهمال الطبي أمرًا متوقعًا، إنها لمسألة وقت فقط قبل أن يشهد العالم خسارة في الأرواح، يمكن منعها تمامًا داخل سجون البحرين.

أحد هؤلاء السجناء المعرضين لخطر شديد، إذا دخل فيروس كورونا إلى نظام السجون،  هو الأكاديمي والناشط المعارض، الدكتور عبد الجليل السنكيس. حُكِم عليه بالسجن مدى الحياة في العام 2011 بتهمة "التآمر للإطاحة بالحكومة"، وقضية الدكتور عبد الجليل هي انعكاس للمدى الذي تستعد الحكومة للوصول إليه لإسكات المعارضة.

تم رفض علاجه الطبي بشكل روتيني منذ منتصف العام 2019 بسبب أمراض تشمل متلازمة ما بعد شلل الأطفال، وفقر الدم المنجلي، وغيرها من الأمراض المزمنة. والدكتور عبد الجليل محتجز حاليًا في كرسي متحرك وغير قادر على الحركة بحرية.

لا يمكن اعتبار قرار إبقائه في السجن، بغض النظر عن حاجته إلى رعاية طبية عاجلة، أقل من مهزلة للعدالة، والمزيد من الإجراءات العقابية ضد رجل بريء.

للأسف، ليس الدكتور السنكيس وحيدًا في سجنه بسبب تعبيره عن آرائه السلمية. هناك حاليًا نشطاء آخرون  في مجال حقوق الإنسان مثل عبد الهادي الخواجة ونبيل رجب محتجزون في سجن جو المتدهور.

حُكم عليهما بالسجن مدى الحياة وخمس سنوات على التوالي، يخضع الرجلان لقيود الاكتظاظ والظروف غير الصحية ذاتها التي يعاني منها الدكتور عبد الجليل. ومثله أيضًا، يضطران أيضًا إلى تحمل الظروف الصعبة، مع خطر كبير بالإصابة بالفيروس القاتل.

نظرًا لأن البلدان في جميع أنحاء العالم تستجيب لوباء فيروس كورونا، فمن واجب الحكومات أن تنظر أيضًا في رفاهية وحياة المجتمع الأكثر ضعفًا. وهذا يشمل اللاجئين والمهاجرين والأشخاص الذين لا يحملون وثائق والأفراد في مرافق الاحتجاز أو السجون. مع استمرار ارتفاع عدد الإصابات العالمية، لا ينبغي لدول مثل البحرين اختيار من لديه إمكانية الوصول إلى الأمان.

بدلاً من ذلك، عليها التفكير في التزاماتها الدولية والمحلية والأخلاقية، والإفراج عن جميع السجناء السياسيين وأولئك المعرضين لخطر الإصابة بالمرض.

النص الأصلي