التقاعد الاختياري كان عملية نصب منظمة... والمتقاعدون يدفعون «شرهات العائلة»

كان الهدف اصطياد أكبر عدد من المتقاعدين اختياريا
كان الهدف اصطياد أكبر عدد من المتقاعدين اختياريا

2020-07-14 - 7:52 ص

مرآة البحرين (خاص): ماذا يضر نائبا قرار وقف زيادته السنوية إذا كان يحصل على عدة رواتب تقاعدية ومكافأة نيابية تصل في إجماليها إلى 10 آلاف دينار شهريا؟ وما يضير أبناء التاجر الفلاني الذين سجلوا أنفسهم موظفين في شركة والدهم براتب ضخم ليحصلوا على أعلى سقف للراتب التقاعدي؟ لا شيء.

عندما أطلقت الحكومة برنامجا للتقاعد الاختياري نهاية العام 2018، وُضعَ الموظفون في القطاع العام تحت ضغط الوقت، 30 يوما ليقرر الموظف ما إذا كان يريد أن يستمر في العمل أم ينهي مسيرته الوظيفية. 

قرر الآلاف التقاعد اختياريا في وقت قصير بتأثير كبير من الحكومة وديوان الخدمة المدنية الذي كان يخرج رئيسه أحمد الزايد لتحديث الأرقام يوميا وكأنه في مزايدة علنية. 

الكثير من الموظفين الذين تقدموا للتقاعد واجهوا حينها صعوبة بالغة في سحب طلباتهم، ولولا ضغوط من اتحاد العمال وجهات سياسية لما تمكن بعضهم من التراجع، حيث كان الغرض من كل ذلك الصيد السمين!

كان واحد من مزايا البرنامج أن الموظفين سيحصلون على الامتيازات المقررة للمتقاعدين اعتياديا، أما اليوم فأصدر الملك قرارا ينهي امتيازات المتقاعدين في جميع الصناديق تحت ذريعة الخوف من إفلاسها وحمايتها للأجيال القادمة التي سُحب نصف أموال صندوقها اليوم أيضا.

أسئلة كثيرة تراود المواطنين اليوم بشأن الفساد، سوء الاستثمار، والأهم العقلية التي تدار بها الدولة.

أبسط تلك الأسئلة، لماذا يقوم الصندوق بإقراض البنوك كما فعل مع بنك أركبيتا، وخلافا للقانون، بمنحه 100 مليون دولار العام 2008؟ وبحسب المعلومات، لا يوجد ما يشير في دفاتر الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي أن البنك قام بتسديد الأموال التي منحت له بقرار نزل بالبرشوت على مجلس الإدارة.

هذا مثال واحد فقط للإقراض خلاف القانون ولعمليات الفساد التي نخرت الصناديق التقاعدية، ناهيك عن السحب المتواصل من الصناديق من جهات نافذة لا يتم الإشارة إليها في دفاتر الهيئة.

ولمعرفة كيف تستنزف أموال الناس وبأمر من ولصالح من يمكن مراجعة الآلية التي حصلت فيها شركة  ماكلارين على قرض من بنك البحرين الوطني بـ 280 مليون يورو دون ضمانات؟

ثم لماذا يتم تحميل المواطن الفقير كلفة الاستثمار السيئ للإدارات المتعاقبة؟ ولماذا يدفع الفقراء ثمن التعامل مع الهيئة العامة على أنها شرهة من شرهات العائلة الحاكمة يتم الإنعام بإدارتها على شخصيات لا تملك خبرة في إدارة واستثمار الصناديق؟

ثم لماذا يتم صرف مكافآت سنوية بمئات الآلاف لأعضاء مجلس الإدارة ما دامت الصناديق مشرفة على الإفلاس؟ أكثر من نصف مليون دينار يتم توزيعها سنويا على أعضاء مجلس الإدارة الفاشلين في تحقيق الأرباح!

فهل الفقراء، مثلا، من قاموا بتعيين مجلس الإدارة الذي اتخذ قرارا ببناء مجمع التأمينات (الفاشل) لينتهي به المطاف إلى سوق شعبي لبيع كفرات التلفونات؟ 

ويبقى الأهم هو آلية تمرير القرارات داخل الدولة، حيث يتم اصطياد الآلاف من الموظفين في برنامج التقاعد الاختياري وجمع أكبر عدد من المواطنين داخل الصندوق ليصبح مغنمَ الحكومة أكبر.

لقد عيّنت الحكومة التي لا دخل للمساهمين في تشكيلها نفسها وصية على أموالهم، تسرقها أو تعطي منها أفرادا أو بنوكا فإذا جف ضرعها قررت أن توقف زيادات المتقاعدين منهم وتزيد نسبة المساهمين الحاليين. 

جرة قلم من ملك البلاد وضعت آلاف الأسر البحرينية في مواجهة التضخم وغلاء المعيشة، لقد زاد الملك اليوم الفقير فقرا والبائس بؤسا. أما أصحاب المعاشات الضخمة فلن يتضرروا.