التعليق السياسي: عن بيان الشيخ عيسى قاسم.. ما الفائدة؟
2020-07-23 - 12:40 م
مرآة البحرين (خاص): ماذا لو خرجت من منزلك صباحاً لتجد أحدا ينتظرك، ليخبرك ويصرّ عليك بأنه لا فائدة من ذهابك للعمل، ولا خير يرتجى من وراء سعيك للرزق والكد من أجل عائلتك، وذلك لأن البلد مفلس، مثقل بالدين العام، وأن الاقتصاد ينهار، وأن الفساد ينخر كل شيء، وأن التأمينات الاجتماعية يتم نهبها من علية القوم، وأن كثيرين من التجار لا ينظرون للبحريني إلا باحتقار.
هل سيؤثر فيك ذلك أم سوف تستمر في طريقك للعمل؟، بالتأكيد لن تستمع لنصيحته، لأنّه لا مجال لديك إلا مواصلة العمل والسعي. هذه باختصار هي وصفة التقدّم في الحياة: الاستمرار، المواصلة، العمل، الدأب، الاجتهاد، المحاولة.
هذه ليست كلمات في محاضرة تنمية بشرية، أو تحفيز مصطنع، صحيح إنّ أحوال البلد سيئة جدًا، ومن يحكمها رجل يحمل في يده على الدوام مسدسًا، ومراسيم وقوانين، وأعوانا غلاظا ، يسلب ما يشاء من حياة أهل البحرين، سجونه ممتلئة، والمقتولون في عهده كُثْر، يُضيّق على العباد أرزاقها، ويهدر أموال الناس على سباقات الخيل، والسيارات، وحلبات الملاكمة، وسباق كلاب السلوقي، والرشاوى. لا يحترم معتقدات جماعة ولا ثقافتهم، ولا يتوانى عن إهانة حتى من يناصرونه ويلعبون ضمن حدوده.
رغم هذا، ما العمل؟ هل يجب الاستسلام لوصفات اليأس المنتشرة؟، بأنه لا فائدة من كل شيء وأيّ شي؟ هل يجب الصمت؟، بل وانتقاد ومحاربة كل من يفتح فمه ليتكلم وينتقد هذه الأوضاع، لنكون عندها مثل الذي وقف ببابك صباحا ليطلب منك أن تيأس من فائدة الذهاب للعمل؟.
هذه باختصار هي خلاصة ما جاء في البيان الأخير للشيخ عيسى قاسم، الذي قال إن «المعارضة السياسية وبأهدأ الأساليب»، هي الشيء «الذي يجب وجوده ما دام مقتضيه موجوداً، وذلك ما يفرضه الدين والإنسانية وصالح الوطن وحتّى الدستور».
هذه وصفة منطق، ووصفة عقل، صحيح أن الانتقاد والكتابة عن السلطة لن يهدما جدار السجن، لكنهما يُعليان صوت وآهات من هم خلف تلك الجدران، ذكر أسمائهم، نشر صورهم التحدث عن معاناتهم، وعن السبب الذي جعل الكثيرين في بلادنا يعارضون النظام حتى أصبحوا شهداء، أو سجناء، أو منفيين، أو مطلوبين لأجهزة الأمن.
هذه هي وصفة البيان الأخير، وصفة للأمل لا لليأس، وصفة التقدّم في الحياة: الاستمرار، المواصلة، العمل، الدأب، الاجتهاد، المحاولة.