فيروس الدقيقة الواحدة والعشرين!

مشهد من العرض المسرحي الذي قدمته الفرقة في أمسية عراد الفنية
مشهد من العرض المسرحي الذي قدمته الفرقة في أمسية عراد الفنية

2020-08-15 - 5:22 م

مرآة البحرين (خاص): عشرون دقيقة فقط، هي المدّة المسموحة للمآتم الحسينية، لتقوم بالبثّ المباشر لمجالسها خلال موسم عاشوراء هذا العام. في الدقيقة الواحدة والعشرين ستعتبر هذه المآتم مخالفة، وستقوم السلطات بإغلاق وتشميع «المأتم المخالف» لمدة ثلاث سنوات، وتغريمه مبلغ عشرة آلاف دينار، كما أن الخطيب الذي سيقوم بالقراءة الحسينية ستتم محاسبته من قبل الوزارة. 

هل هذه أحجية أم سخف واستهزاء؟

هل يمكن لعقل ساذج أن يرى أي علاقة بين هذا القرار، وما تسميه السلطات البحرينية بأنها احترازات وقائية لمنع انتشار كورونا؟! ما العلاقة بين مدّة البث المباشر وانتشار المرض؟!!! خاصة مع فرض السلطات أن لا يزيد عدد المتواجدين في المأتم عن الخطيب والكادر الفني المختصّ بالبث المباشر مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية كاملة! 

الأكثر، أن السلطة نفسها، هي نفسها من رعت منذ يومين حفلاً فنياً أقيم في 13 أغسطس 2020 في قلعة عراد، نظمته هيئة البحرين للثقافة والآثار، وأحيته فرقة شعبية بحرينية تجاوز عددهم 20 رجل وامرأة، قاموا بتأدية لوحات غنائية راقصة بلا كمامات، ولا تباعد بين أفرادها، ولا مراعاة لأي احترازات صحية بينهم. لم توقف السلطة هذه الفعالية؟ ولم تمنعها بحججها الاحترازية الوقائية؟ بل قامت ببثها مباشرة عبر تلفزيون البحرين وعلى موجات إذاعتها. ولم تحدد وقتاً للفعالية ولم تلزم البث المباشر بـ 20 دقيقة، بل تجاوز بثّها الذي قام به تلفزيون البحرين الرسمي ساعة كاملة. 

هذه هي السلطة حين تريد لشيء أن يكون، وهي ذاتها التي أصدرت قرارها بفتح الصالات الرياضية وبرك السباحة والمطاعم والبارات والمراقص وسمحت بالتجمع في قاعات الحفلات إلى 20 شخصاً، مع العمل وفق الاحترازات الصحية.

نعم هي السلطة ذاتها التي سمحت بكل هذا، وليس لدينا اعتراض على ما تسمح به في ضوء الاحترازات اللازمة، لكن أن تتساهل عندما تريد، وتصطنع دور (الحريص على سلامة وأمن الجميع) عندما تريد، وتتشدد فقط حين يتعلّق الأمر بفتح جزئي ومدروس للمساجد والحسينيات، رغم تعهد إداراتها بمراعاة كامل الاحترازات الصحية، فهذا لا يمكن قبوله أو السكوت عنه، لأنه تحوّل إلى استثمار موجّه للجائحة. 

ما يحدث في البحرين الآن، يظهر أن السلطات جعلت من الجائحة ذريعة انتقائية، فهي تستثمرها عنواناً في منع ما لا تحبّ وما لا يوافق هواها، مقابل السماح لما تحبّ وما يوافق مزاجها، بل جعلتها أداتها في الاستهداف الطائفي البغيض، وفرض القيود على الحريات الدينية والممارسات العقائدية للطائفة الشيعية في البلاد.

أما الـ20 دقيقة التي حددتها مدّة مسموحة للبثّ المباشر، فتلك أهزوجة أخرى لا يمكن حتى لذريعة الجائحة أن تحتملها، لفرط سخفها ووضوح الاستهداف فيها، وهو ما ينبئ عن صدامات متوقعة خلال موسم عاشوراء القادم، الجميع في غنى عنها، حتى الجائحة نفسها.