الحاج محمد فتحي .. الموت خارج المكان الذي يسمونه وطنا

المرحوم الحاج محمد فتحي
المرحوم الحاج محمد فتحي

2021-03-09 - 2:49 ص

مرآة البحرين (خاص): إن كان الموت هو إنعدام الوجود، فإنك في الغربة خارج المكان، خارج المكان الذي عُجنت من ترابه طينتك، المكان الذي يتواجد فيه من أحببت وأحبوك، تتواجد في الطرقات التي ما زالت الذاكرة تسمع صوت أقدامك الصغيرة وأنت تطوف بها في طفولتك.
الحقيقة أن الغربة القسريّة فاجعة على الإنسان، فاجعة يتم إدراكها على مراحل، ولا يُستكمل الوعي بها إلا بعد أن يعيشها بآلامها وحلوها ومرها. والموت في الغربة هو نوع من أنواع الموت القاسي المرّ.
لقد لخّصت الناشطة الحقوقية ابتسام الصائغ في نعيها المؤلم للمواطن البحريني المهجّر قسراً عن وطنه الحاج محمد فتحي الذي توفّي في إيران أمس الأحد 8 مارس 2021، لخّصت تلك اللحظة بقولها "إسوداد واقعنا يترجمه رحيل المهجر قسراً. ليكون رحيله وحيداً بعيد عن الوطن وعن عائلته، مظلومية
إضافية لزوجته وابنته"، نعم ونضيف إنها مظلومية أخرى لابنه الشاب السجين يوسف محمد فتحي الذي يقضي عقوبة السجن في واحد من أسوأ سجون العالم سجن جوّ المركزي.
الفقيد المهجّر قسراً المهندس البحريّ محمد فتحي أسقطت السلطات البحرينية جنسيته ضمن أول مجموعة تم الإعلان عنها في 7 نوفمبر 2012 .
لم تكن هذه المظلومية الوحيدة للحاج فتحي، بل كانت هذه آخر المظلوميات القاسية، ففي الأساس عندما كان شابًا تم تهجيره أيضا وعاش 25 عاماً في المهجر، وعاد للبلاد بعد انفراجة العام 2001، سنوات بقائه في البلاد مرت سريعاً، ليتم اعتقاله في العام 2011 وتعذيبه بقسوة في أقبية جهاز الأمن الوطني، ويخرج بعد فترة من الإفراج عنه في العام 2012 ليعالج آثار التعذيب الرهيب الذي عاناه، وهناك أثناء علاجه يتلقى خبر إسقاط جنسيته، ليعيش غريباً عن عائلته مهجّرا قسريّا لعشر سنوات أخرى، يموت بعدها مريضًا غريباً مظلومًا.
بعد سحب جنسيته لم تكن لديه خيارات، بقي خارج البلاد خوفا من تكرار الاعتقال والتعذيب إن عاد للوطن.
خلال أزمة العالقين البحرينيين في إيران بعد تفشي وباء كورونا بدايات العام 2020، قام الحاج محمد فتحي بخدمة العالقين، وعرفه الجميع بإخلاصه وحبّه لوطنه وللمواطنين الذي علقوا هناك. نعته جمعية الوفاق الوطني الإسلامية يوم أمس، ونعته كذلك حركة حق.
كان يعيش فتحي حزنًا إضافيا بعد اعتقال ابنه الوحيد من الذكور يوسف، وظل يعيش على أمنية وأمل أن يجتمع بعائلته على أرض الوطن لكنّّ لم يتمكن، إذ كان القدر أسرع من الأمنيات.