قرار متوقع: الحكومة تفكر في قرار يساوي الأجنبي بالمواطن في استخراج السجلات الفردية

2021-03-24 - 12:48 ص

مرآة البحرين (خاص): بعد زوبعة استمرت لمدة ثلاثة أيام بسبب تطبيق مشروع السجل الافتراضي "سجّلي"، عادت الحكومة لتخرج من قبعتها أرنبًا جديداً: قرار بتحسين "نسبيّ" للمشروع.
التحسين المقصود تلخص في فتح الخيار للمواطنين بين الانضمام الطوعي المجاني لبرنامج خطوة تحت إشراف وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، أو الانضمام لبرنامج سجلي "السجل الافتراضي" المخصص للسجلات التجارية، التي يمكن ممارسة العمل التجاري من خلالها بمحل افتراضي تحت وزارة الصناعة والتجارة والسياحة مع الاستفادة من المميزات، منها التنافس على المناقصات والاستفادة من برامج تمكين، أو القروض البنكية.
هلل المهللون، وفرح معترضون، وتوجس آخرون، وكان للمتوجسين كل الحق في توجسّهم. فبحسب ما وصل لـ"مرآة البحرين" من معلومات، فإنّ ثمّة توقعات "سيئة للأسف" بأن ما سيطال السوق البحريني قريباً، هو أمر أسوأ بكثير من قصة "السجل الافتراضي" ونهايتها الكاريكاتورية.
تحدّث أحد المتابعين للخطوات الحكومية التي ستطال قطاع السجلات، وقال "لو يعلم الفرحون بهذه الخطوة، ماذا تخبيء لهم الحكومة عبر وزارة الصناعة والتجارة".
وحول ذلك يكشف عن أنه "ليس المقصود أن يكثر اللغط حول فرض استخراج رخصة سجل تجاري وفرض رسوم على أصحاب المشاريع التجارية المنزلية التي تبيع عبر الأنترنت، هذا اللغط الذي كان متوقعاً أن ينتهي بقرار على طريقة المكرمة وهو ما حصل (...) ليس هذا كله المقصود لكن المقصود أمر أخطر بكثير".
تشير بعض المعلومات المسربة إلى أنه بانتهاء الزوبعة التي أثارتها الحكومة بهذا القرار عبر وزارة الصناعة والتجارة، واستنفاذ غضب الناس والنواب والمهتمين، فإن المطروح على طاولة القرار هو المأساة الكبرى الحقيقية، القرار الذي تتم دراسته الآن هو: مساواة الأجانب مع المواطنين بشكل كامل في إمكانية استخراج السجلات والتجارة في البحرين.. ولكن كيف؟
المعلومات تشير إلى أنه جرى الإعداد لإصدار قرار يسمح للأجانب باستخراج سجلات تجارية فردية "مؤسسة فردية"، وهو الأمر الذي سيخرج مئات وربما آلاف المواطنين من السوق.
بهذا القرار تنتهي آخر ميزة للمواطن البحريني في الاستثمار والتجارة، وهي الميزات التي تقلصت عبر السنوات القليلة الماضية من خلال قرارات بدأت بتوسيع الجنسيات المسموح لها بتأسيس شركات تجارية في البحرين، ومن ثم بتقليص رأس المال المشروط لتأسيس تلك الشركات إلى مبالغ بسيطة وتافهة، ومن ثم بزيادة عدد الأنشطة المسموح للأجانب الاستثمار فيها. صار مصطلح المستثمرين الأجانب، مزحة حقيقية.

المبررات؟
كل تلك الخطوات تهدف إلى "زيادة التنافسية" حسب المطروح حكوميًا، لكن تلك التنافسية ستكون على حساب المواطن البحريني الذي لا يميّزه في بلده أي شئ عن الأجنبي، بل أن هناك من القرارات ما يميّز الأجنبي فيها على المواطن ومنها قرار مصادقة الشهادات الدراسية المشروط على البحريني والمسكوت فيه عن غيره.

ما الذي سيحصل عند تطبيق هذا القرار؟
يبلغ عدد السجلات التجارية بحسب آخر إحصائية معلنة لوزارة التجارة في عام 2019 أكثر من 82 ألف سجل تجاري، تتنوع بين "مؤسسة فردية" يحصل عليها المواطن البحريني والخليجي فقط، وكذلك الشركات التي يمكن للأجانب امتلاكها باشتراطات سهلة.
وعند تطبيق قرار السماح للأجانب اإستخراج سجل "مؤسسة فردية" فإنه يعني مساواة المواطن مع غيره. ستكون كل المحلات، وأنواع الأنشطة متاح لها مباشرة دون حاجز أو وسيط. ولن يكون الأجنبي مطالبًا بتقديم أية تقارير مالية كما هو الحال في الشركات.  نموذج دبي هو ما يسكن عقل الحكومة ومسؤوليها.
وتروج البحرين عبر موقع الحكومة الإلكترونية بأن مزايا الاستثمار فيها بأن "التكاليف المنخفضة واحدة من أهم مزايا مملكة البحرين".

تداعيات القرار المتوقّع؟
بالنسبة للأجانب، فإن البحرين تمثل سوقا صغيرا وسهلا جداً، بسبب الخبرة والمنافسة العالية في الأسواق التي جاؤوا منها، وبالتالي فإن الدخول في سوق بلد بحجم مدينة في بلدانهم أمر بالغ السهولة.
أما بالنسبة للبحريني الذي اتجه للتجارة لعدم توافر فرص العمل، فإنه أمام خيار زيادة المنافسة في سوق محدودة جداً وبالتالي فإن فرص خروجه من السوق ستزداد بشكل كبير، ناهيك عن انعدام وجود أية ميزة لصالحه في هذه المنافسة على عكس جميع الدول الأخرى التي تحتفظ لمواطنيها بخصوصيات معينة في السوق التجارية أو في سوق العمل.

الأسوأ المتوقع: أموال تمكين للأجانب
ورغم أن هناك امتياز محدود جداً للبحرينيين في استخراج السجلات، إلا أن صندوق العمل "تمكين" يقوم بدعم الشركات الأجنبية "دعم تطوير الأعمال" بنصف التكاليف للأجهزة والإعلام وتقنية المعلومات حالهم في ذلك حال المواطنين.
ولكن الأسوأ هو حين تقوم تمكين بالمثل بدعم السجلات الفردية للأجانب في حال صدور القرار المتوقع، وبالتالي فإن هذا السيناريو كله هو ما يصدق أن يقال عنه أن المواطنين سيترحمون على أيام رئيس الحكومة السابق على رغم المساوئ والفساد.

المتوقع حينها؟
ربما يتجه بعض النواب إلى استجواب وزير الصناعة التجارة، هناك 25 نائبا وصفوا الوزير زايد الزياني في بيان يونيو 2019 بأنه "وزير تأزيم".
بيد أنّ المشكلة هو أن عددًا من النواب سيوافق على تمرير هذا القرار كون الحكومة "كاسرة عينهم"، عبر توظيف أقاربهم أو منحهم عطايا مالية أو سجلات تجارية مربحة، وغيرها من العطايا والتسهيلات.
المتوقع أن يفاقم القرار من التذمر والغضب، باعتباره إثقالاً لكاهل المواطنين البحرينيين الذين يهربون من تكاليف الحياة الباهظة دون فائدة، إذ أن القرارات الحكومية تحاصرهم حيثما ذهبوا.
لكن الأدهى من ذلك هو أن يتسلل إلى الناس شعور بالعجز عن المقاومة، مقاومة استهداف مكتسباتهم كمواطنين ومن ثمّ الاستسلام.
ما الذي يمكن فعله في بلد تتركز فيه السلطات والثروة في يد ثلّة محدودة تتحكم بالبلاد والعباد دونما مساءلة حقيقية ولا قلق من عقاب؟ الإجابة كما يكرر الروائي المصري علاء الأسواني باستمرار: "الديمقراطية هي الحل".