الإشادة بـ "الداخلية" تمسّك بالخطأ والخطيئة.. الناس تنتظر منكم شيئا آخر ياحكومة

2021-04-06 - 9:30 م

مرآة البحرين (خاص): لم تقدم الحكومة في جلستها يوم أمس الإثنين (5 أبريل/ نيسان 2021) لغة تتجاوب مع المستجدات الكبيرة في الساحة البحرينية بعد مرور تسعة أيام على انطلاق حراك تحت مظلة عوائل السجناء في البحرين للمطالبة بحرية المعتقلين السياسيين الذي يواجهون الموت بعد تفشّي وباء كورونا في سجن جوّ المركزي.
ففي جلستها قدمت الحكومة الدعم السياسي لوزارة الداخلية التي تواجه انتقادات محلية وخارجية كبيرة، إثر فشلها الكبير في التعامل مع ملف السجناء بموجب المعايير الإنسانية، وفشلها في حمايتهم من الوباء.
لقد جاءت الإشادة على الرغم من انتشار شكاوى مؤلمة بأصوات السجناء الذين اشتكوا من حالة تجويع متعمّد مرّوا بها لبضعة أيام، فضلاً عن تزايد مخيف في الإصابات بفيروس كورونا بينهم، وهو ما فجّر الغضب الكبير بين الأهالي.
ويأتي استشهاد الشهيد عباس مال الله اليوم، كشهادة فاقعة واضحة صارخة، لا تقبل الجدل ولا التأويل على أن وزارة الداخلية هي جهة مدانة بانتهاك حقوق البشر وبتعذيبهم وإذلالهم وقتلهم. والاستدعاءات والتوقيف اليوم لبعض أهالي المعتقلين بسبب احتجاجاتهم السلمية، قسم آخر من تغوّل الوزارة في الظلم والقمع.
يقول البيان الرسمي الصادر بعد جلسة الحكومة أمس «أشاد مجلس الوزراء بجهود وزارة الداخلية بالتعاون مع وزارة الصحة في تعزيز صحة وسلامة النزلاء والعاملين في مراكز الإصلاح والتأهيل وفق خدمات ورعاية صحية متطورة وبروتوكولات وقائية واحترازية تضمن سلامة الجميع».
إن دفن الرأس في الرمال، والاكتفاء بتقديم الدعم لوزارة تنتهك حقوق الإنسان، ليست خطوة مبشّرة. لقد كان بإمكان الحكومة تقديم لغة أفضل من الطريقة القديمة في التعامل مع المشاكل. لكن العقلية القديمة الصدئة لا تزال حاضرة في خطاب السلطة.
يحق للمواطنين التساؤل، ألم يقرأ أحد من الحكومة التقرير الأخير الصادر من وزارة الخارجية الأمريكية بشأن حقوق الإنسان في البحرين؟ أليس من المفترض أن يوجد نَفسٌ جديدٌ في هذه الحكومة؟، علامَ تشيدون بوزارة الداخلية ومن أي زاوية: التعذيب، القمع، إهمال السجناء أم أخيرا تفشّ كورونا في السجن؟.
ربما تحتاج الحكومة التذكير بأنّه حتى يوم أمس وصل عدد الإصابات بين سجناء جو السياسيين 77 إصابة موثّقة، وقد استمرت الاعتصامات والمسيرات السلمية لأهالي المعتقلين، في عشرات المناطق.
كل هذه أمور لا يصح التهرّب منها، والاكتفاء بتقديم الدعم لوزارة فشلت حتى في تطبيق قانون العقوبات البديلة وهو قانون أقرّته الحكومة ولم تنجح في إثبات مصداقيته حتى الآن. فقد توالت الشكاوى من استخدام مسؤولي وزارة الداخلية القانون في تنمية ثرواتهم، بينما لم يستفد منه حتى الآن سوى المحكومين في قضايا القتل، والدعارة، وتهرب المخدرات، والفساد والسرقة، حتى تم إخراج أحد مهربي السلاح من السجن بنظام العقوبات البديلة، واستفاد منه عدد محدود جدًا من السجناء السياسين.
مؤخراً فقط صدر تقرير وزارة الخارجية الأمريكية، ويمكن أن نورد عدة نصوص من التقرير تتحدث عن الفشل الذريع لوزارة الداخلية في ملف السجناء، وكيف إنها بعد أن قامت بتعذيبهم وسجنهم، أهملتهم بشكل لا إنساني حتى تفشّت بينهم الأمراض.
لقد تطرق التقرير إلى أوضاع السجون ومراكز الاحتجاز في البحرين، وذكر التقرير «أنها قاسية وتعرض حياة السجناء للخطر، نظرًا للاكتظاظ الذي تشهده، بالإضافة إلى الانتهاكات الجسدية والظروف الصحية والطبية غير الملائمة، ومن بينها سجن جو، إذ يضم المبنى 13 في السجن عددًا من السجناء يتجاوز قدرته الاستيعابية بنسبة 30 %". وتحدث التقرير"عن الإضراب الذي أعلنه السجناء في المبنى 14 بسبب النقص في الوصول إلى المرافق الطبية، والقيود المفروضة على الزيارات العائلية بسبب جائحة الكورونا».
ولفت أيضًا إلى "النقص في المياه ومرافق الاستحمام والصابون، وكذلك الظروف غير الصحية في الحمامات، خلافًا لمزاعم السلطات". فضلاً عن نصوص أخرى في التقرير تتحدث عن التعذيب الوحشي والانتهاكات الجسيمة التي تقوم بها الوزارة بعد اعتقالها للمواطنين المطالبين بالحرية في البحرين.
إن الإشادة الصادرة عن مجلس الوزراء لوزارة الداخلية يوم أمس خطأ جسيم، على الحكومة التفكير مليّا في مدّ الجسور مع الناس، والاستماع لمطالبتهم بحرية أبنائهم المعتقلين.
إنّ التقارير التي يرفعها راشد بن عبدالله ورؤساء الأجهزة ستمدّ في عمر هذه الأزمة وستعمّقها، إن المستفيدين من نهج القمع في البحرين كثيرون، هؤلاء لا يريدونها إلا مقبرة، مقبرة للبشر، ولأحلام الشباب، ولقلوب الأمهات. مرّة ثانية على هذه الحكومة أن تثبت أنها مختلفة فعلا.. الناس تنتظر منكم ذلك.