علي مشيمع: حياة والدي في خطر لدفاعه عن حرية البحرين

علي مشيمع معتصمًا للمطالبة بإطلاق سراح والده (أرشيفية)
علي مشيمع معتصمًا للمطالبة بإطلاق سراح والده (أرشيفية)

علي مشيمع - موقع أوبن ديموكراسي - 2021-05-04 - 10:53 م

الكاتب: علي مشيمع 

المصدر: موقع أوبن ديموكراسي 

ترجمة: مرآة البحرين

كنت أبلغ من العمر فقط خمسة عشر عامًا عندما اعتُقِلت وسُجِنتُ وعُذّبتُ  خلال انتفاضة 1994-1999، والاحتجاجات الجماهيرية السلمية التي طالبت بالتغيير الدستوري.

في تلك الفترة، كان والدي حسن مشيمع قد أمضى بالفعل ستّة أعوام في السجن على خلفيّة مشاركته المبكرة في الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية. وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، أمضى عددًا إضافيًا من الأعوام في السّجن بسبب نشاطه ودوره القيادي في المعارضة السياسية في البحرين.

كان والدي أحد مؤسسي حركة حق وأمينها العام، وأحد المؤسسين ونائبًا للرّئيس في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية المُنحلّة الآن، وهي أكبر جماعة معارضة سياسية في البحرين سابقًا. 

في العام 2011، أعادت الاحتجاجات الجماهيرية التي اندلعت ضد النظام، وحملة القمع العنيفة التي تلتها، هذه الذكريات المؤلمة لي ولعائلتي. نزل الآلاف إلى الشوارع مطالبين بإنهاء الاستبداد وبالتّحول السلمي إلى الديمقراطية.

كانت هذه هي اللحظة التي أدركت فيها أنّ مسألة خلق مستقبل مختلف لبلدنا تعود إلى أشخاص مثلي ومثل أبي وآلاف البحرينيين. وعلى الرّغم من أنّي كنت أعيش في المملكة المتحدة، إلا أنّ قلبي وعقلي وروحي ظلّوا مع شعبي في البحرين.

في 17 مارس/آذار من العام الحالي، أكمل والدي البالغ من العمر 73 عامًا عشرة أعوام في سجن جو السّيء السمعة، حيث يُحتَجَز عدد من معارضي النظام. اعتُقِل في العام 2011 مع القادة الآخرين للمعارضة بعد يومين من دخول القوات السعودية والإماراتية إلى البحرين لقمع الحراك الشعبي السلمي.

تلقى علاجًا للسّرطان في المملكة المتحدة قبل سجنه، ويعاني حاليًا من مرض السكري والنقرس ومشاكل في القلب والبروستات، وهو في حالة تعافٍ من سرطان الغدد الليمفاوية. وعلى الرغم من هذه الظروف القاسية، حُرِم والدي بشكل روتيني من الحصول على الرّعاية الطّبية المناسبة من قبل سلطات السّجن.

في 27 مارس/آذار، أفيدَ عن تفشي الكورونا بشكل كبير في سجن جو. وصحة والدي بشكل خاص في خطر كبير، إذ قد تتدهور وسط كلّ هذه الظروف.

تصاعد الضّغط 

ثبتت إصابة ما يقرب من مائة شخص بـالكورونا في السجن. هذه الظّروف الجديدة، جنبًا إلى جنب مع الإزدحام والظّروف غير الصّحية بالفعل،  لا تعرض والدي وحده، بل آلاف السجناء السياسيين على الأرجح لخطر انتقال العدوى.  هناك رقابة دولية متزايدة على السلطات البحرينية لانتهاكاتها لحقوق الإنسان وانعدام الحرية للمواطنين. في 11 مارس/آذار، وافق البرلمان الأوروبي، بغالبية ساحقة، على قرار عاجل بشأن وضع حقوق الإنسان في البحرين. وفي ست مناسبات منفصلة، وجّهت ولايات الإجراءات الخاصة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة رسائل إلى البحرين بخصوص معاملة والدي. تُشكّل الإساءات التي تعرض لها انتهاكًا لمعايير الاحتجاز الدولية. أثار عدد من المنظمات الحقوقية الدولية البارزة، بما في ذلك منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، مخاوف جديّة بشأن قضيته. وفي العام 2018، نظمت احتجاجًا استمر 63 يومًا (بما في ذلك 46 يومًا من الإضراب عن الطعام) أمام سفارة البحرين في لندن، على أمل إنقاذ حياة والدي. 

يعترف تقرير وزارة الخارجية الأمريكية للعام 2020 حول ممارسات حقوق الإنسان في البحرين، والصادر في 30 مارس/آذار، بالاستخدام الواسع للتعذيب والظروف الخطيرة التي يعاني منها والدي وعدد من المعتقلين السياسيين الآخرين في سجن جو. وعلى الرغم من كل هذه المحاولات للضّغط على نظام آل خليفة لتحسين معاملة والدي في السجن، وفي النهاية ضمان الإفراج الآمن وغير المشروط عنه، لم يطرأ أي تغيير ملموس على وضعه. 

وجّهت نائبة حزب العمال زارا سلطانة و13 نائبًا آخرًا رسالة إلى وزير الخارجية دومينيك راب الشهر الماضي، تحثه فيها على إعادة النظر في علاقات المملكة المتحدة مع البحرين. بالإضافة إلى ذلك، فإن اقتراح القرار العاجل، الذي قُدِّم للمناقشة في مجلس العموم في فبراير/شباط، والذي يغطي موضوعات حقوق الإنسان والديمقراطية في البحرين ويذكر والدي ب التحديد، تلقى دعمًا كبيرًا من الأحزاب في البرلمان. وتُظهر هذه الإجراءات الالتزام القوي من جانب عدد من أعضاء البرلمان بتأمين الإفراج عن والدي، وحثِّ رئيس الوزراء بوريس جونسون ووزارة الخارجية على استخدام نفوذهم لتعزيز السلام والديمقراطية في البحرين. أُجرِيَ عدد من المحاولات الفاشلة بالنيابة عني لإنشاء نقطة اتصال مع ممثلي وزارة الخارجية. إنّ دعم المملكة المتحدة الثابت لنظام آل خليفة يعني أن السلطات البحرينية لن تُساءل، على المستوى الوطني أو الدولي، عن ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد آلاف المعارضين السياسيين.

تمويل نظام وحشي

 أحد الأهداف الرسمية لحكومة المملكة المتحدة في مبادرتها الخليجية هو "مساعدة البحرين على العودة إلى دولة مستقرة وإصلاحيّة ذات سجل جيد في مجال حقوق الإنسان". لكن من الواضح أن المملكة المتحدة لا تفي بأهداف سياستها الخارجية. 

وعلى الرغم من سجل حقوق الإنسان الرهيب لدكتاتورية آل خليفة، الحقيقة أنّ ملايين الجنيهات من أموال دافعي الضرائب البريطانيين تُنفق سنويًا على دعمها. أُدرِجت البحرين من قبل الحكومة البريطانية، في ظلّ إدارات مختلفة، كسوق ذات أولوية لمبيعات الأسلحة. بين العامين 2012 و2017، قدم صندوق النزاع والاستقرار والأمن في المملكة المتحدة (CSSF) تمويلًا قدره 5 ملايين جنيه إسترليني إلى البحرين، ما ساعد في دفع تكاليف تدريب الشرطة البحرينية، المتهمة بمواصلة إساءة معاملة المعارضين البحرينيين وتعذيبهم وإعدامهم. هذه فقط بعض الأمثلة على برامج التدريب، الموجهة إلى عناصر الجيش والشرطة، وأشكال أخرى من الدعم المالي، التي يقدمها صندوق النشاط المتكامل الخليجي(IAF) ، الذي خلف صندوق النزاع والاستقرار والأمن.

أعتقد أنّ لدافعي الضرائب البريطانيين الحق في معرفة أن أموالهم تساهم بشكل غير مباشر في تمويل نظام وحشي يستخدم الاعتداء الجسدي والجنسي والتعذيب والاحتجاز غير القانوني - من بين العديد من الأساليب الأخرى - للسيطرة على المعارضة السياسية وإسكاتها. أسمي المملكة المتحدة اليوم موطني بالتبني حيث أواصل ممارسة نشاطي. في حال عدتُ إلى البحرين، سيُحكَم عليّ بالسجن لمدة 45 عامًا بتهمة دعم مطالب شعبي بالديمقراطية حين كنت في المنفى في لندن. 

على الرغم من الأمان والحرية الّلذين أتمتع بهما هنا، من المستحيل بالنسبة لي أن أشعر بسلام حقيقي في بلد يدعم ويمول بنشاط النظام الاستبدادي لآل خليفة. أدعو أعضاء البرلمان والمجتمع المدني ووسائل الإعلام للضغط على الحكومة البريطانية لوقف دعمها لنظام آل خليفة، وللمساعدة في تأمين الإفراج الآمن عن والدي، ومعه آلاف السجناء الآخرين الذين تخلّوا عن حياتهم للنّضال من أجل مستقبل أفضل لهم ولبلدهم. سأواصل المطالبة باحترام حقوقي وحقوق شعبي في وطني. فقط بمواصلة استخدامنا لأصواتنا، سنتمكن من تعزيز كفاحنا من أجل الحرية. 

النص الأصلي