عباس حسين : ما الذي يحدث في البحرين؟!
عباس حسين - 2021-05-30 - 8:39 ص
فجأة خرج الفريق الوطني الطبي بحزمة قرارات جديدة بعد أيام من مؤتمر صحافي آخر، بين قرارات هذا وذاك ما ينبئ بالمتغيرات التي طرأت!
ليس تجاذبا سياسيا حين نتناول شأنا طبيا مسيساً بالأساس، وتتقاذفه القرارات المتخبطة والمصادرة من قبل أصحاب النفوذ، فما بين قرار حصر الدخول لمحلات الألعاب لمن هم فوق ١٨ عاما الى قرارات الأمس، وما بين فتح الجسر والانطلاق للفتح الأوسع في ١٨ مايو رغم زيادة الأرقام الى الإغلاق الجزئي الصادر في ٢٧ مايو، هناك فجوة وتدارك واضح.
عندما نقول الفريق الوطني الطبي، فيعني أصحاب القرار وليس الكوادر الطبية والممرضين والأطباء المخلصين الذين يصلون الليل بالنهار وبعضهم تطوعاً لخدمة وطنهم ومجتمعهم، هؤلاء أيضا ضحايا لقرارات الفريق الطبي.
اذاً، ما الذي تداركه الفريق في قراراته الأخيرة، ومالذي خاف منه أصحاب القرار؟ الإجابة بوضوح خافوا من إدارة الشعب للأزمة بنفسه! كيف؟ نجيب بعد استحضار بعض الأحداث والوقائع.
نعم، هذه الإجابة بحجم الوضوح الذي رفضوا فيه مطالبات (المجتمع الواعي) البحريني بإغلاق الطيران لدول (المتحور الهندي) فردوا عليه بالاستهزاء بوعي المجتمع وتقديره وأعلنوا تعليق الطيران دون أن يتوقفوا بالواقع، وادعى الفريق الطبي أن الإغلاق ليس ذا فائدة وإن السبب هو ما يريدونه هم لا ما تنصح وتقوم به جميع الدول والمنظمات الصحية، ولذلك كان من أسوأ تبريرات الفريق أن يرتهنوا لأصحاب النفوذ والمال على حساب أرواح الناس.
لم يستطع الفريق رغم محاولاته تبرير وإقناع المجتمع الواعي بأسباب زيادة الإصابات وسرعة انتشارها ونسبة الوفيات المرتفعة وانهيار المنظومة الصحية الوشيك الذي لمسه الغالبية من خلال تجارب مباشرة وليس نقولات.
ليس هناك شعب في كل العالم مهما بلغ وعيه، يطالب حكومته بالحظر الشامل أو الجزئي ويتفق بما يشبه الإجماع على وجود خلل في القرارات وإدارة الأزمة، وبالتالي كانت ردة الفعل الشعبية جديرة بالإشادة، عندما أدرك عمق الأزمة وحجم الكارثة ففي حين بلغت الوفيات ٢٨ وفاة باليوم، فهناك من يستهزئ بالناس وأرواحهم حين يصدر قرار قصر دخول محلات الألعاب على من هم بعمر ١٨+ وأن يتوسع في فتح الأنشطة في حين هناك حاجة للإغلاق.. وأن يحول البحرين محجرا لدول الخليج بهدف تنشيط الفنادق ودر عائدات على شركة طيران الخليج الغارقة في الفساد والفشل والخسائر.
ما الذي جرى بعدها؟ ذهب الناس بقيادة رجال الدين والعلماء المؤثرين في بيانات شديدة اللهجة موجهة للمجتمع بعد اليأس من دور حقيقي للجانب الرسمي، أكدت على رفع مستوى الاحترازات العامة للبلد بأنفسهم دون انتظار قرارات، وتوقفت صلوات الجماعة وكثير من الأنشطة وأحُدثت صدمة اجتماعية كبيرة حينما وصلت الأرقام لمستوى مفزع بينما كان مؤتمر الفريق الطبي الخميس ٢٠ مايو ٢٠٢١ يغرد بعيدا بدلا من مواكبة الحدث والتعاطي بحجمه، حتى وجدنا الفيديوهات تتوالى من المناطق البحرينية المختلفة والأماكن العامة بإخلاء تام تقريبا وخلو المجمعات من روادها، إلى جانب كل ذلك كان هناك تفاعل إعلامي واسعاً وحملات شعبية نوعية وصدقات وفديات وتفاعلا استثنائي، هذه الإدارة الذاتية للأزمة التي استدعت من الفريق أن يواكبها بحزمة قرارات واسعة وإغلاق كبير صدر في مؤتمر الأربعاء ٢٦ مايو ٢٠٢١.
هذا الذي جعل الفريق يكرر على لسان د. وليد المانع وكيل وزارة الصحة ود. مناف القحطاني اللذين بالأمس ومعهما د. جميلة السلمان يعزون الزيادات إلى التجمعات العائلية وفقط، جعلهم يكررون عبارات من قبيل الفريق الوطني منكم ويسمع لكم، وأن "الفريق صاحب عزيمة وإرادة قوية"!! وأنه "فريق متجدد ومتميز في تواصله مع المجتمع".. من حقنا أن نتساءل عن سر هذه الحميمية المفاجئة والمدح الكبير من الفريق لنفسه!!
هل هذا هو الذي جعل أعلى الهرم يخرج في تصريح بعد مؤتمر القرارات الواسعة بأن كل إمكانات البلد بتصرف الفريق الوطني! ليستتبعه تصريح آخر من رأس الحكومة عزيت فيه عوائل الفاقدين من ضحايا كورونا!
هناك من شعر أن الأمور ستفلت من إدارته، وأن وعي الشعب كفيل بتجاوز الاستهزاء الرسمي في القرارات المواكبة لحجم الأزمة، لذلك اضطر لأن يلحق بالركب وإلا خسر التأثير! وكان قد خسره فعلاً من عباراته المكررة التي ملها الناس.
ولازال المجتمع البحريني يتساءل عن عدم إغلاق الطيران من دول المتحور الهندي في حين أن المردود الاقتصادي -إن وجد أصلاً- سيتبخر مع الإغلاق الواسع المطبق حالياً، فمن الذي يقود هذه القرارات والتخبط؟!
*ناشط بحريني.