جنيف: شعب عريق بعدة ألوان يواجه عائلة بلون واحد !
2012-09-19 - 3:20 م
مرآة البحرين (جنيف): «برافو»، فقد حصلت حكومة البحرين أخيراً على حفنة قليلة من المؤيدين. لكن من هؤلاء؟ إنهم أولئك الذين يشبهونها فما ظلموا. الدول الديكتاتورية «العميقة» التي تسوس شعوبها بالحديد والنار. أما الديمقراطيات «العريقة»، فعرفت إلى أين تمحض تأييدها بالضبط. إلى أيّ وجهة. كلمات قصيرة، مختزلة، لكن في الصميم. هكذا انتهت معركة جنيف في مجلس حقوق الإنسان اليوم.
استمع وزير الخارجية إلى ما ليس منه بدّ. «شرشحة» صافية أخذت ما يزيد على نصف الوقت. ومن ورائه، حرَنَت كوكبة المتمجدين. الدقّاقة «المركوزين» على المقاعد، كطبول أفريقية. انتشوا في البدء لسماع الأصوات النشاز المشتراة بالدينار: السعودية، قطر، اليمن، السودان، الجزائر. لكن سرعان ما انقلب الحال.
غيّرت الولايات المتحدة والنمسا والدانمارك وألمانيا والمملكة المتحدة مسار الجلسة. وعلى ذات النوْل، جاءت كلمات المنظمات الدولية كافّة. نقداً مركّزاً مسّ عصب الورم الغائر. كانت أسماء النشطاء عبدالهادي الخواجة ونبيل رجب وعلي عبدالإمام وزينب الخواجة وعبدالجليل السنقيس وأحمد رضي تطير ملء الأجواء، مذكرة بأن ثمة رمزيات لهذا الشعب المتمدّن عصيّة على النسيان.
كان تكرار ورودها في المداخلات يصفع وجوه الوفد الحكومي، فرداً فرداً. كما لو كان لفح الرّيح في الهاجرة. غاروا ما من شك. مسّتهم الخيبة. أرهقتهم جلْداً. فيما كانوا كذلك، يجلسون كما يجلس «الكومبارس» على الخشبة. كانت شخصيات الوفد الأهلي تصول وتجول في الجلسة. تُسمع مندوبي الدول الأعضاء في قصر الأمم المتحدة الكلام الكبير الذي ينبغي أن يسمعوه. كباراً بدوا أمام ثلة منتفعين صغار يقفون منهم موقف الخصْم البدائيّ.
شاهد العالم اليوم صورة أخرى لشعب البحرين. نماذج حيّة من نخبة شعب عريق متمدن. تخاطبه بلغته. نساءاً أكاديميات وأطباء واقتصاديين، يلهجون بلغة التحدّي. على المقلب الآخر، كانت السلطة تعطي أسوأ ما لديها. ذكّرت العالم بأن هذا البلد يتم حكمه من واسطة قبيلة عصيّة على التحديث. انتهى الكلام. صوت أحادي واحد قابل أصوات شعب من عدّة ألوان.
جيء بوزير الخارجية كي ينقذ الموقف. كي يقول ما لم يقله سلفه. فأعاد حرْق الكذب المختوم: ليس لدينا ولا معتقل سياسيّ واحد! لم يكن غريباً أن يأتيه أشدّ النقد من أشدّ حلفائه قرباً، مايكل بوسنر، المندوب الأميركي. فهو وحده من عقد مؤتمرا صحفياً عقب الجلسة. قال قناعة إدارته «لم يتغير شيء». اعتبر أن «قيام ديمقراطية في البحرين أنسب وضع لتكون حليفة إلى الولايات المتحدة». هكذا كانت جنيف اليوم. المواجهة المثلى بين مظلوم وظالم. لكن على مرأى من العالم!