عباس حسين: ما الذي يريدونه من عاشوراء هذه المرة؟!
عباس حسين - عباس حسين - 2021-08-16 - 1:28 ص
ليس اعتباطاً أن تتحرك السلطات في البحرين من أجل محاصرة شعائر عاشوراء. فكل مساعي الأجهزة الرسمية كانت ولازالت بذات الاتجاه من أجل إجهاض عطائها، وإفراغها من دورها في شحن النفوس بالثورية الوقادة.
في العام الماضي، كانت المساعي باتجاه المنع الكامل، وكانت المواجهة المباشرة من قبل الجمهور الحسيني بالإصرار على إقامتها مما كلف السلطة ماء وجهها وانكسرت هيبتها عندما أذعنت لإرادة الجمهور في ليلة السابع بعد تصاعد الإحياء وعدم الامتثال للقرارات المغلفة ب(الاحترازات الطبية).
هذا العام ذهبت الإجراءات إلى نحو مغاير بعد السماح الشكلي والمنع الضمني في التفاصيل، ولكن ماذا يريدون هذه المرة؟!
كانت أمنية قديمة بالهيمنة على المؤسسات الدينية، والمحاولات كثيرة لتنفيذ ذلك، لكن الوعي الجماهيري الذي توجه قيادات علمائية يحول دون ذلك، وهذه المرة وجدت السلطة الفرصة في وباء كورونا لتصعيد الطائفية لأقصى درجاتها، ففي حين تعمل الأجهزة الرسمية على إزالة النشرات والأعلام والمظاهر العاشورائية في النهار يقوم موظفو السلطة باقتحام المآتم والحسينيات ليلاً في سابقة هي الأخطر على هذه المؤسسات تمهيداً لرسملة هذه الإجراءات.
استدعاءات واعتقالات بالعشرات وربما المئات لرواديد وإداريين ومعزين ومنظمين، يتبعها زيارة محافظ معه مجموعة من الضباط، وأمام بعضها يضعون شرطة للتضييق. في حين يراقب الملأ احتفالات ومباريات ومناسبات أخرى تكتظ بالجمهور دون احترازات حقيقية ولا زيارات أو تفتيش.
كان في قرارة السلطة أن تتوقف مواكب العزاء المشحونة بالعطاء والعزة والهيبة وهي من أبرز المظاهر العاشورائية، ولكن القرار المباشر أخفق في منعها السنة الماضية، والآن جاء الدور على وحدة هذه المواكب وانسجامها، فعمدت إلى تشتيتها ومحاولة إجبار كل مأتم على العزاء منفرداً دون أن يتحرك الموكب.
الحجة أيضاً كانت وباء كورونا، ولكن المنطق والعقل يفشل إعلان هذه الحجة لأن المكوث في مكان واحد دون حركة يعني المخالطة، ووصل الأمر إلى قولها صراحة في اجتماعات المحافظات والضباط مع مسؤلي المآتم والحسينيات، أن تسيير المواكب هو الممنوع وقرار الحكومة إبقاؤها واقفة في محيط المأتم وكل مأتم على حده، وأن هذه القرارات ليست صحية وإنما أمنية، وارتفع صوت مدير أمن الشمالية بالتهديد لرؤساء المآتم في حال مخالفة هذه القرارات.
إذًا، بوضوح كامل السلطة تسعى إلى تفكيك وحدة المواكب، وإضعافها حتى الوصول إلى تحقيق الهدف الذي طالما سعت له وهو إنهاء هذه الشعائر تدريجياً. وليس هناك مبالغة في ذلك، والرهان على إخماد صوت الحسين ليس وليد اللحظة وتاريخ السلطة في البحرين وفي غيرها من الدول زاخر بالأحداث التي تؤكد ذلك.
وربما كان عناد الجمهور الحسيني الواعي هو الذي يفشل هذه المخططات ويعيد عداد الحسابات نحو الصفر.. وهذا العام أيضاً سيبقى عند الصفر عندما تتحرك المواكب الموحدة في مختلف المناطق على طريق العشق الحسيني.
كما كان ركب الحسين (ع) ممنوعاً من المسير عندما جعجع به الحر بن يزيد الرياحي وقال له "لا أتركك.." كانت إجابة الحسين لممثل السلطة الأموية "لا أتبعك".