علي الأسود: سنوات البحرين الصعبة
2021-12-28 - 1:40 م
مرآة البحرين (خاص):
سبعة أعوام على اعتقال الأمين العام للوفاق سماحة الشيخ علي سلمان ولا يزال كل الوطن يتألّم وكل أبنائه يتذكرون مواقفه الوطنية وتضحياته الكبيرة. فلا يمكن أن يغيب عنكم اسم أبرز قائد سياسي كان خطّه نهج السلمية والتغيير والإصلاح والعمل الدؤوب والبعد عن الشّخصنة في الخلافات السّياسية من أجل الإستقرار.
لقد برز دور هذا الرجل القوي في حراكه المطلبي بالدولة الحديثة بعد الإستقلال في العام 1971. فالشيخ علي سلمان يُعَدّ من أبرز المناضلين المنادين بإعادة العمل بدستور 73 وتثبيت الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان من أجل تعزيز المساواة. أكثر ما شغل باله نشر العدالة بحيث تتحقق المعادلة الصعبة وهي "البحرين لكل البحرينيين" سنة وشيعة بلا تفرقة أو تمييز، وهو أمر لطالما طرحه في حديثه مع المعنيين في المجتمع الدولي - وقد شهدت كثيرًا منه- كان يُرَكّز على الحوار الوطني الداخلي الجامع الشامل بدون استثناء لأنّه يعتقد أن الاستفراد بالقرار لا يضرّ فئة واحدة بعينها بل إنّه أمرٌ كارثي يلحق بجميع أبناء الوطن.
حاكمته السلطة على نشر مادة دستورية هامة "الشعب مصدر السلطات جميعًا" وهي العبارة الأولى التي يستلهم منها حديثه ويكتب خطاباته. فمحاكمة أمين عام الوفاق عبّر عنها الكثير من المعنيين في المجتمع الدولي وقيادات وازنة ومؤسسات حقوقية مرموقة بأنّها محاكمة سياسية بامتياز، وبكونها تفتقر لأبسط معايير المحاكمات العادلة حيث لا دليل على التهم المُرسَلة كما وصفت الاعتقال بالـ "تعسفي". لم تكن المؤسسة القضائية في هذه المحاكمة عادلة ولم تعطِ أيّ نموذج عن استقلال القضاء بل على العكس، فضحت الزيف وكشفت المستور عن تبعية الجهاز القضائي وغياب فكرة العدالة.
الرجوع لسبب الاعتقال السياسي الأول في 27 دسمبر/كانون الأول 2014، والمحاكمة التي انتهت بالحكم المكتوب للقاضي المُعَيّن من قبل السلطة بالسجن أربع سنوات بتهم مُلَفّقة - ما أنزل الله بها من سلطان- تبين أنّ هناك حاجة لتغييب الدور السياسي للشيخ علي سلمان، وأن هناك إمكانية لتلفيق تهمة أخرى وترتبط بمسألة خارجية وتصفية حسابات سياسية بين عوائل تحكم بعيدًا عن مقتضيات أخرى تعود للدولة، وهذه المرة كان الحكم بالمؤبد قد يشفي غليل من لا يعرف معنى العدل.
هناك أشياء لم تصدر بعد تخصّ المحاكمة، ترتبط في مجملها بصراع طويل الأمد على الثروة، صار ضحيتها أمين عام الوفاق بعد حديث مختصر أجراه عبر الهاتف مع الوسيط القطري الذي كان في ضيافة الديوان الملكي حينها وبعلم المنظومة الخليجية، حيث دعا فيه السلطة لأخذ الناس من منطقة دوار اللؤلؤة؛ مركز احتجاجات 14 فبراير/شباط، الى صناديق الاقتراع، وأكّد فيه على منهج السلمية التي يؤمن بها ولا يحيد عنها، ومن ضمنها وأبسطها كان يوم غلق طريق المرفأ المالي في مارس/آذار 2011، إذ اعتبر زعيم المعارضة هذا العمل غير سلمي، وقد يؤدي الى خسارة أرواح، واعترض عليه بعض قياديي المعارضة، إلا أن سماحة الشيخ دافع عنه وبقوة، تمامًا كما تبنى منهج اللا عنف. تلك اللحظة كانت الحد الذي شدّد من خلاله الشيخ علي على السلمية التي دفع ثمن حديثه عنها وبقناعة الكثيرين، ولكنه لم يحد عنها أو يغير خطابه لحسابات ضيقة أثبت الزمن عدم فعاليتها أو جدواها.
دولة العدالة وسيادة القانون والمساواة واستقلال السّلطات واحترام الرّأي الآخر والحوار وحريّة الصّحافة وإنشاء الأحزاب والنّقابات ومؤسسات المجتمع المدني كلها تتكامل لبناء وطن جامع، إما الاعتقال والفصل والعنف وغلق مقرات الأحزاب وإبعاد المعارضين وتكميم الأفواه والسيطرة على وسائل الإعلام، قد تكون هذه أبرز مظاهر الأسلوب الرسمي الممارس، ولكنّها بالطّبع تتعارض مع مقومات الدولة العصرية الديمقراطية التي نتطلع أن تكون بلادنا ضمنها. فالحاجة للمعارضة في الملكيات العريقة لا تقل عن الحاجة لبقية الأجهزة التنفيذية، أما وقد قضت السلطة على كل ما ساهم به المخلصون من أبناء الوطن لتصحيحه، فهذا يعني قمّة التراجع عن أي فكرة إصلاح أو تطوير أو بناء لدولة المؤسسات والقانون.
رسالتي إليكَ:"سِرْ بشعبك إلى الأمام أخي كما كنت صاحب نظرة سياسية جامعة موحدة لأبناء الوطن العزيز البحرين، والعالم كله شهد ولا يزال يشهد لجهدك وحراك الإصلاح بالعقل والحكمة".
*المهندس علي الأسود: نائب سابق عن جمعية الوفاق الوطني الإسلامية