"يداوي الناس وهو عليلُ": حكومة البحرين تدعو العراقيين لحوار وطني جامع!
2022-09-02 - 10:01 م
مرآة البحرين (خاص): أتت دعوة السلطات البحرينية للقوى والأحزاب العراقية بإجراء حوار وطني شامل لحل الأزمة الداخلية هناك، غريبة اللحن من حكومة لا تعرف استخدام لحن الدبلوماسية والحوار في حل قضاياها المستعصية.
ففي يوم 30 أغسطس الماضي، وبعد أن بانت بوضوح علائم التهدئة في العراق الذي يواجه أزمة داخلية، أصدرت حكومة البحرين ممثلة في وزارة الخارجية بيانا دعت فيه "جميع القوى والأطراف السياسية العراقية إلى وقف التصعيد وضبط النفس وتغليب الحكمة والمصلحة الوطنية العليا والمشاركة الفاعلة في حوار وطني شامل وجامع، بما يسهم في تجاوز الأزمة الراهنة" بحسب نص البيان.
بالطبع فإن السؤال الذي يقفز في ذهن أي متابع على الفور: هل قبلت سلطات البحرين التي تنصح بالحوار العقلاني في العراق، بالدعوات الدولية للحوار مع المعارضة البحرينية؟
وكم مرة دعت شخصيات عراقية حكومة البحرين للتحاور مع جمعيات المعارضة لكنها لم تلق سوى الردود الغاضبة والاتهامات بالتدخل في الشؤون الداخلية في البحرين؟
لم ينس الناس غضب المرجع الكبير آية الله السيد علي السيستاني، ولا دعوات رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، ولا دعوات السيد عمار الحكيم، ولا دعوات السيد مقتدى الصدر، وغيرهم لحكومة البحرين بالتحاور مع المعارضة، ولم يلق هؤلاء إلا الشتم والاتهام التقليدي بالتدخل في الشؤون الداخلية البحرينية، ووصل التعنت الرسمي إلى منع إدخال كتب السيد السيستاني إلى السجناء في سجن جو المركزي.
يمكن التذكير بعشرات بل مئات الدعوات الدولية من الأمم المتحدة وأمينها العام شخصيا، والمفوض السامي لحقوق الإنسان السابق والحالي، ومن الاتحاد الأوروبي، وبعض الدعوات الأمريكية للسلطة للحوار مع المعارضة.
ثم كيف تبرر السلطة البحرينية وجود هذا العدد من القادة السياسيين والنشطاء في السجون وفي المنافي، وهذا العدد من الجمعيات التي حلها بقرارات سياسية تم إلباسها ثياب القضاء. لماذا وصلت السلطة لدرجة من التعنت هاجمت فيه بغضب عبر إعلامها شخصيات اجتماعية ودينية ذات حضور وثقل اجتماعي لمجرد دعوتها بهدوء للحوار، مثلما حصل مع سماحة السيد عبدالله الغريفي قبل أعوام قليلة، حيث لم ينس الناس كم البذاءات التي أطلقها كتّاب السلطة وطبالوها ضد السيد الغريفي لمجرد دعوته المتكررة لإنقاذ البلد عبر التفاهم والجلوس على طاولة واحدة.
إن المطلوب من السلطة في البحرين حالًا هو تطبيق نص البيان الصادر من وزارة خارجيتها على نفسها، وتغليب المصلحة الوطنية العليا والمشاركة في حوار وطني شامل وجامع يساهم في حل الأزمة السياسية الممتدة منذ أكثر من عقد من الزمان.
وإلاّ كَم هي بلا مصداقية هذه الدعوة التي وجهتها الحكومة للعراقيين بالتحاور، في ظل رفضها المستمر للتجاوب مع كل دعوات الحوار التي تعلنها المعارضة ورموزها تكرارا ومرارا.
لا ترفض الحكومة التحاور فقط، بل إنها تعتقل مفتاح الحوار ورمزه الأول زعيم المعارضة أمين عام جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان، الذي سجنته السلطة بحكم سياسي جائر، وهو لا يزال رغم كل شيء داعية للحوار، فهل تمد السلطة يدها للتحاور وتطبق مبدأ "الأقربون أولى بالمعروف" أم ستواصل عنادها الذي لم يوصل البلاد لسوى الخواء الداخلي وفشل العملية السياسية والبرلمانية قاطبة؟