رسالة سجناء البحرين إلى قداسة الحبر الأعظم، البابا فرانسيس

2022-10-17 - 7:01 م

رسالة سجناء البحرين إلى قداسة الحبر الأعظم، البابا فرانسيس
قداسة الحبر الأعظم، البابا فرانسيس،
من آدابنا التي نشأنا عليها، استقبال الضيف وإكرامه والاحتفاء به، اعذرنا، فلن نكون في استقبالك، لأننا في سجون الرأي السياسي المعارض، نحن سكان هذه الجزيرة الصغيرة الوادعة، سكانها الأصليون، الذين احتفوا بالمسيحية منذ أجدادهم في القرون الأولى من ميلاد المسيح.
بحكم تربيتنا الإيمانية، نؤمن أن فلسفة السماء، تُدير الأرض على قاعدة "كله خير"، ومقدمك لهذه الجزيرة المأزومة بانسداد سياسي، سيكون خيراً، ندعو أن يفتح الله ببركات زيارتك أقفال ما انغلق من أبواب وسجون وقلوب.
قداسة الحبر الأعظم،
نحدثك باسم أكثر من أربعة آلاف سجين سياسي من سكان هذه الجزيرة منذ أحداث الربيع العربي 2011. بعضهم قضوا محكوميتهم وخرجوا من دون رد اعتبار، وبعضهم ماتوا من غير تعويض، وبعضهم قُتلوا من غير تحقيق، وبعضهم ينتظر الإعدام من غير شفيع، وبعضهم لن يخرجوا مدى الحياة، بعد أن حُكم عليهم بأرقام فلكية.
ننتمي، نحن سجناء الرأي، إلى شرائح مختلفة: نساء وأطفال ورجال ومعلمين وأطباء وأكاديميين ومثقفين وسياسيين وعلماء دين. لم ينجُ بيت شيعي في البحرين من سجين سياسي طوال العقد الماضي، فقد دفع الأمل الجميع للخروج والنضال السلمي من أجل تحقيق وطن حر عادل.
لم تعفُ السلطة السياسية عن أحد منا، كان الانتقام ومازال المحرك الأساسي والباعث والغاية، لم يتطهر رأس السلطة بالصفح والغفران، ولم يتصف بالعدل والإحسان والإنصاف.
نريد لزيارتك أن تكون عاقبة خير ومصالحة، نريد أن يتحقق في جزيرتنا ما تحقق في دول العالم الحر من معالجات الإنصاف والعدالة، فتجارب الدول تمر بأزمات، لكن تعقبها مصالحات.
قداسة الحبر الأعظم،
يُشوّه السجن والتعذيب والإذلال هيئة الإنسان وروحه وهويته وصورته التي خلقه الله عليها، نثق أن من مهمات كرسيكم الرسولي المقدس تنزيه صورة الإنسان في الأرض كل الأرض من تشويه العذاب، لنحفظ صورة الله في السماء، فالمرء يُحفظ في ولده كما يقول المثل العربي، ونحن أولاد الله.
قداسة الحبر الأعظم،
تستمد قوة الكرسي الرسولي المقدس، من محنة سجن أعظم رسل المسيحية، الرسول بولس إحساسها الفائق بمحن المسجونين الذين يحملون رسالة العدل والحرية والتبشير بقيم الإنسان الكونية. مازالت السلطات التي سجنت بولس وتلميذه القديس سيلا، وضربتهما بالعصي، تردد التهم المعتادة "وإذ أتوا بهما إلى الولاة قالوا: هذان الرجلان يبلبلان مدينتنا".

لقد جئتم باسم السلام والحوار، وتُمتحن كلمات السلام والحوار بما سيؤول إليه وضعنا نحن السجناء السياسيين بعد زيارتكم، نأمل أن يكون بياض ردائكم المقدس، سبباً لتبييض السجون المكتظة بمظالمنا وآلامنا.

سجناء البحرين
17 أكتوبر 2022