الاتحاد البرلماني الدولي والمجتمع المدني وبريطانيا: عن إلغاء تأشيرات موظفي هيومن رايتس ووتش

الملك مستقبلاً رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي غابرييلا بارون
الملك مستقبلاً رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي غابرييلا بارون

دريويري دايك - موقع مركز السياسة الخارجية البريطاني - 2023-03-17 - 4:51 م

ترجمة مرآة البحرين

في 8 مارس/آذار، ألغت الحكومة البحرينية تأشيرات دخول موظّفَين في منظمة هيومن رايتس ووتش. كان من المقرر أنْ يحضرا مؤتمرًا دوليًا للاتحاد البرلماني الدولي (IPU)، استضافته البحرين من 11 إلى 15 مارس/آذار. 

الاتحاد البرلماني الدولي هو الجمعية العالمية للبرلمانات الوطنية. ومقارنة بالأهمية النّسبية للتجمع نفسه، والقضايا التي يعالجها البرلمانيون من جميع أنحاء العالم، قد يبدو استبعاد موَظّفَي هيومن رايتس ووتش، وهي منظمة لها مركز مراقب في الاتحاد البرلماني الدولي، أمرًا قليل الأهمية. لكن الواقع ليس كذلك. إذ إنّ أخلاقيات ومعايير السلوك الدولي بأكملها على المحك. إنّها مسألة مهمة لكل من برلمان المملكة المتحدة والحكومة والمجتمع المدني، وعلى كل منهم اتخاذ الإجراءات بطريقته الخاصة.

المجتمع المدني في النظام العالمي

في النظام العالمي الذي تتطلّع إليه الأمم المتحدة، تتمتع الدول بسيادة محدودة فقط بموجب اتفاق قانوني دولي، بما في ذلك في مجالات مثل التجارة وحقوق الإنسان. وتمنح الأمم المتحدة رتبة ثانوية للمنظمات الحكومية الدولية والوكالات المتخصصة التي تتعلّق ولاياتها بالتجارة أو الحكم الإقليمي أو غير ذلك من أشكال التعاون الدولي أو وضع المعايير. والاتحاد البرلماني الدولي هو إحدى هذه المنظمات.

يمنح الاتحاد البرلماني الدولي بدوره صفة مراقب دائم لوكالات الأمم المتحدة؛ المنظمات الحكومية الدولية الإقليمية، والجمعيات أو الاتحادات البرلمانية، والاتحادات الدولية للأحزاب السياسية والمنظمات الدولية غير الحكومية.  

مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي في البحرين

يصادف الخامس عشر من مارس/آذار اليوم الأخير من الدورة 146 لمؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الذي عُقِد في المنامة، البحرين من 11 إلى 15 مارس/آذار 2023. ويضم الاتحاد البرلماني الدولي 178 عضوًا، جزء منهم موجود في البحرين. 

خلال وجودهم هناك، كانوا يعالجون تعزيز التعايش السلمي والمجتمعات الشاملة ومكافحة التعصب من بين شعارات أخرى. وانطلاقًا من شعار الاتحاد، وهو "من أجل الديمقراطية. للجميع"، تبدو هذه الأجندة منطقية.  

مع ذلك، أثارت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان للبرلمانيين في الاتحاد مع الحكومات 727 حالة انتهاك لحقوق الإنسان للبرلمانيين، اثنتان منها من البحرين. إذ أسقطت الحكومة البحرينية على نحو تعسفي جنسية جواد فيروز، وهو الآن مواطن بريطاني. بموجب هذه الحالات، بالإضافة إلى رفض حضور موظفي هيومن رايتس ووتش في المؤتمر، من الظاهر أنّ الحكومة البحرينية لا تنتهك قوانين الاتحاد فحسب، بل تحتقر أيضًا النظام الدولي الذي تُشَكّل جزءًا منه. 

هل هذه المسألة تهم المملكة المتحدة؟

ردًا على سؤال حول المكسيك وُجِّه لحكومة المملكة المتحدة، في 7 مارس/آذار ، صرّح النائب ديفيد روتلي (من حزب المحافظين، عن ماكلسفليد) بما يلي:

"تصب الديمقراطية والحرية في قلب قيم المملكة المتحدة والسياسة العالمية لمكتب الشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية. وهما تساهمان في الازدهار والأمن على المدى الطويل؛ كما أن المجتمعات الديمقراطية هي من أبرز الداعمين لنظام دولي منفتح ومرن. [...] يُعَد دعم المبادئ الديمقراطية في المكسيك أولوية مستمرة لسفارتنا، التي تعمل بانتظام مع الحكومة المكسيكية للتأكيد على أهمية المؤسسات القوية والانتخابات الحرة والنزيهة".

 لكن عمل الاتحاد البرلماني الدولي ليس عملاً حكوميًا: في طلب للتعليق وُجِّه في 15 مارس/آذار، قال متحدث باسم مكتب الشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية إنه طالما لم يحضر أي وزير حكومي، لا رأي لديهم بشأن إلغاء البحرين للتأشيرات لموظفي هيومن رايتس ووتش.

في حين أنه من الممكن تفهم هذه المسألة، إلا أنّه يجب أن تكون الأعمال التي تقوض الديمقراطية والحرية؛ ونظام دولي مرن، في سياق -البحرين- حيث تنتفي عن الانتخابات صفتا الحرية والنزاهة، سببًا لقلق مكتب الشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية، إذا كان يطمح إلى تطبيق السياسة بمساواة وشفافية. ففي النهاية، ينص تقرير العام 2021 الصادر عن  مكتب الشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية في ديسمبر/كانون الأول 2022 حول حقوق الإنسان والديمقراطية على أن البحرين "دولة ذات أولوية". هل الأمر كذلك حقًا؟

يسود الاعتقاد أنّ المجموعة البريطانية [في] الاتحاد البرلماني الدولي -شعارها: تعزيز البعد البرلماني للعلاقات الخارجية لبريطانيا- أرسلت وفدًا برئاسة النائب كارين برادلي (من حزب المحافظين)، لكنّها تضم مندوبين من حزب العمال والديمقراطيين الليبراليين من مجلس العموم ومجلس اللوردات، بالإضافة إلى الموظفين الإداريين. وعند الاتصال بهم للحصول على تعليق، عند كتابة هذا التقرير، لم ترد المجموعة البريطانية في الاتحاد البرلماني الدولي على السؤال عمّا إذا كانت أبدت رأيًا ما بشأن إلغاء تأشيرات موظفي هيومن رايتس ووتش.

البحرينيون سيدفعون الثمن الحقيقي في البحرين

في الوقت الذي يُقَوّض فيه سلوك الحكومة البحرينية النظام الدولي والالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، يُعَدّ إلغاء تأشيرات موظّفَي هيومن رايتس ووتش تمهيدًا لذلك. حدّد بحث أجرته مؤسسة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان كيف اضطهدت الحكومة البحرينية 15 برلمانيًا سابقًا. اعتقلت السلطات بشكل تعسفي 11 برلمانيًا منهم. اتُّهِم 11 آخرون ظلمًا، وحُكِم على 10 منهم في أعقاب محاكمة غير عادلة، وتعرض 6 منهم للتعذيب، وحُرِم 4 منهم من جنسيتهم في حين يقيم 6 برلمانيين سابقين الآن خارج البلاد.  

ذكّرت رسالة مفتوحة مشتركة إلى البرلمانيين، صدرت عن 22 مجموعة حقوقية عاملة عن البحرين، بمناسبةعقد مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي في البحرين، النواب بأنه في العامين 2016 و2017، حلّ القضاء البحريني اثنتين من الجمعيات المعارضة السياسية الرئيسة في البلاد، وهما الوفاق ووعد، كما منعت قوانين العزل السياسي التي أُدخِلَت في العام 2018 أعضاء سابقين في هذه الجمعيات من الترشح للبرلمان أو المشاركة في مجالس منظمات المجتمع المدني. سلّطت الرسالة الضوء أيضًا على حقيقة أنّه في العام 2017، أغلقت السلطات على نحو قسري آخر صحيفة مستقلة في البحرين، وهي "الوسط"، وحظرت الحكومة البحرينية فعليًا جميع وسائل الإعلام المستقلة؛ كما أن الانتخابات البرلمانية في تشرين الثاني/نوفمبر 2022 كانت ظاهريًا الأكثر عرضة للقيود منذ إعادة إجراء الانتخابات البرلمانية في العام 2002.

تُسقِط الحكومة البحرينية الجنسية بشكل تعسفي، وتواصل استخدام عقوبة الإعدام، كما تعتقل سجناء الرأي ويبدو أنها تغضّ الطرف عن استخدام التعذيب. تعرضت مجموعة من النشطاء لمعاملة وحشية، بما في ذلك التعذيب والحرمان من الرعاية الطبية. وحُكم على عدد منهم، بمن في ذلك حسن مشيمع، والدكتور عبد الجليل السنكيس، وعبد الهادي الخواجة، والشيخ محمد حبيب المقداد، وعبد الوهاب حسين، وناجي فتيل، والشيخ علي سلمان بالسجن المؤبد. حُرم عبد الهادي الخواجة، وهو مواطن بحريني دانماركي، من عملية جراحية يحتاجها لعلاج فكه، الذي كُسِر على يد قوات الأمن أثناء اعتقاله لمشاركته في احتجاجات العام 2011 المؤيدة للديمقراطية.

 لهذه الأسباب، قد يكون المجتمع المدني -وهو أحد أُسُس النظام العالمي- مُحِقًا في الاستياء من الرد الصامت الاتحاد البرلماني الدولي إزاء إلغاء تأشيرات موظفي هيومن رايتس ووتش وما يبدو أنه صمت من قبل المجموعة البريطانية في الاتحاد البرلماني الدولي؛ بالإضافة إلى الشعور بخيبة الأمل إزاء عدم اهتمام  مكتب الشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية في المملكة المتحدة -عندما تكون البحرين "دولة ذات أولوية" في مجال حقوق الإنسان. ينتهي مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي اليوم.

 

النص الأصلي