لماذا ترفض الحكومة إعادة افتتاح مقام الصحابي صعصعة بن صوحان؟
2023-05-21 - 9:26 ص
مرآة البحرين (خاص): مع الحملة التي أطلقتها جمعية الوفاق الوطني الإسلامية مؤخراً، برز إلى السطح مجدداً سؤال تكرر كثيراً. لماذا ترفض حكومة البحرين إعادة افتتاح مقام الصحابي الجليل صعصعة بن صوحان.
اتخذت السلطات سبب التخريب المتكرر ذريعة لإغلاق مقام صعصعة بن صوحان، الذي يعود تاريخه لأكثر من 1300 سنة، فيما تبدو عدد من الخطوات المتتالية، أنها كانت تهدف في نهاية المطاف إما إلى إزالة المقام بالكامل، أو إخفائه عبر إغلاقه وعدم السماح لأحد بزيارته.
يشكل مقام صعصعة بن صوحان مشكلة حقيقية لأسرة رأت نفسها "فاتحة"، بل زعمت ذات يوم أن الإسلام لم يزر هذه الجزيرة إلا مع غزوهم لها قبل قرنين ونيف، بيد أن هذه السردية التي تحاول الأسرة الحاكمة جاهدة تكريسها عبر تزييف الحقائق الوقائع، تصطدم بآثار قائمة منذ مئات السنين، وهي - أي الآثار - لا تثبت فقط أن أبناء هذه الأرض كانوا من المسلمين، بل أكثر من ذلك، تبين أنهم كانوا يعتنقون المذهب الشيعي الإثنى عشري.
5 اعتداءات والمعتدي "مجهول"
منذ العام 2011 تعرض مقام الصحابي الجليل لخمسة اعتداءات على الأقل (مارس 2012، يناير 2014، اعتدائين في أبريل 2014 أحدهم طال الضريح نفسه ويوليو 2016)، ساهم في ذلك موقع المقام الذي يقع في منطقة يقطنها المتجنسون الذين يعمل غالبيتهم في الأجهزة الأمنية، ويحمل جزء منهم أفكار متطرفة تجاه الطائفة الشيعية.
لكن اللافت في الاعتداءات كان رد فعل الجهات الحكومية عليها، فعلى العكس من الاعتداء الأول الذي وقع في مارس 2012، والذي دانه بشدّة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، فإن الاعتداءات اللاحقة شهدت تصريحات تبريرية أو أخرى استفزازية.
في أبريل من العام 2014 تعرض المقام لحادثتي اعتداء أحدهم طال الضريح نفسه، وهو ما استنكره رئيس إدارة الأوقاف الجعفرية آنذاك الشيخ محسن العصفور الذي اتهم جهات تكفيرية وإرهابية بالوقوف خلفه.
تصريح العصفور لقي استنكاراً من عضو مجلس النواب آنذاك خميس الرميحي الذي قال أن "أهالي جو وعسكر من العوائل البحرينية الأصيلة وليس لهم ارتباطات بمثل هذه التشبيهات المشينة بحق المخلصين لهذا الوطن".
وفي مايو 2014 نشر السلفي المتشدد (النائب الحالي) محمد رفيق الحسيني، مقالاً من جزئين في جريدة الأيام ينفي فيه أصلاً وجود مقام للصحابي صعصعة بن صوحان، وهو ما تبعته ردود من نشطاء ومغردين اعتبروا أن ذلك تمهيد لاستهداف المقام مستقبلاً.
لكن الردود الكثيرة على مقالات الحسيني لم تعجب عضو جمعية الأصالة السلفية والنائب السابق إبراهيم بوصندل الذي نشر مقالاً هو الآخر في صحيفة البلاد يدافع فيه عن وجهة نظر الحسيني ويهاجم كل مخالفيه.
ولأننا في زمن لا نؤمن فيه بالصدف، ونقدم سوء الظن على حسن الظن، فإننا يمكننا القول إن هذه المقالات كانت بتوجيهات أو اقتراحات من شخصيات نافذة في الدولة هدفت في جزء مما هدفت إليه إلى نسف فرضية وجود مقام، تمهيداً لاستهدافه رسمياً وربما إزالته إلى الأبد، ولا تبدو هذه الفكرة جنونية، فقد عمدت السلطات في 2011 إلى استهداف مسجد الشيخ أمير البربغي وهدمه، فقط لأنه يقع على الطريق السريع مع كل ما يحمله من دلالات.
ولكي تكتمل الصورة فقد صرح المدير العام لمديرية شرطة المحافظة الجنوبية (مايو 2014) إن المديرية "لم تتلقّ أي بلاغ رسمي خلال العامين 2013 و2014 بوقوع اعتداء أو تخريب في ضريح صعصعة بن صوحان"، مضيفاً أنه "في إطار متابعة ما تم نشره انتقل شخصيا إلى الموقع واتضح أن الضريح مغلق من الخارج، وليس هناك أحد يمكن سؤاله عن الوضع في الضريح".
هكذا فقد تحولت السلطات الرسمية من جهة تدين الاعتداءات على المقام وتتكفل بإصلاحه، إلى جهة لم تتلق بلاغات رسمية بحصول أي اعتداءات، خصوصاً وأن الضريح "مغلق من الخارج"، فيما رافق هذه التصريحات حملة إعلامية تنفي حقيقية وجود المقام، وتهدف في نتيجتها إلى إزالة المقام بالكامل، إن استطاعت الدولة إلى ذلك سبيلا.
لكن الطائفة الشيعية برموزها وكل من ينتمي إليها، لم ترفع الراية البيضاء يوماً، وقاومت الوضع القائم بكل الوسائل الممكنة، وها هي اليوم تصرخ بصوت عال، مطالبة بإعادة افتتاح أحد مزاراتها الدالّة على عراقتها وأصالتها في هذه الأرض.