إضراب السجناء: أزمةٌ أعمق من تحسين ظروف الاعتقال
2023-08-10 - 10:46 م
مرآة البحرين (خاص): ندخل اليوم الخامس من إضراب مئات المعتقلين السياسيين في البحرين، وذلك للمطالبة بإخراج معتقلين آخرين موجودين في سجن العزل الأكثر قسوة، وللمطالبة كذلك بحقوق إنسانية مثل فتح بوابات الزنازين، وتحسين الطعام، ورفض المعاملة السيئة التي يتلقونها، وتفشي سياسة الإهمال الطبي في السجون وموت المعتقلين المرضى.
في البعد السياسي فإن هذا الإضراب مؤشر على حقيقة وجود أزمة سياسية لم يتم حلها بسبب رفض الحكومة الحوار مع المعارضة وتفضيلها الاستمرار في خيار القمع والانتهاكات.
هناك أكثر من ألف و300 سجين رأي في البحرين، يموت بين كل فترة بعضهم بسبب الأمراض وبسبب الإهمال الطبي الجسيم، وآخرهم كان الشهيد الشاب محمد العالي.
البرامج التي أعلنتها الحكومة مثل العقوبات البديلة والسجون المفتوحة والعدالة الإصلاحية للأطفال، فشلت الحكومة نفسها في الالتزام بها، واستثنت منها السجناء السياسيين حتى الصغار الذين تم اعتقالهم وهم أطفال، لذا فقد ازدادت الأوضاع سوءا وزاد تشدد وزارة الداخلية في التعامل مع السجناء.
بالعودة للإضراب، فقد بدأت آثاره الصعبة تظهر على المعتقلين، الذين يعانون أصلًا من سوء الرعاية ويواجهون ظروفًا صعبة، إذ تعرض عشرات منهم للإغماء نتيجة الإعياء.
الناشطة الحقوقية ابتسام الصائغ أشارت إلى أنّ المضربين تعرضوا للإغماء بسبب الهبوط في معدل السكر بين 2.4% و3.6%، وأكدت أنّ هناك مخاوف على حياتهم.
ودخلت عوائل المعتقلين على الخط لمناصرة أبنائهم، وفي فيديو مصوّر أعلنت والدة المعتقل محمد الدقاق وهي امرأة كبيرة في السن بدءها إضرابًا عن الطعام تضامنًا مع ابنها وباقي المعتقلين، وقالت: لا نستطيع العيش بشكل طبيعي ونحن نرى أبناؤنا جائعون ويعانون.
واستطاع المعتقلون المضربون عن الطعام إرسال رسائل صوتية تم نشرها للرأي العام عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أعلنوا فيها أسباب إضرابهم عن الطعام، ورغبتهم في الحصول على حقوق إنسانية مشروعة تحرمهم منه السلطات.
وصادف اليوم الرابع من الإضراب، مرور عام كامل قضاه 14 معتقلًا سياسيًا في سجن العزل الشديد القسوة، ورغم المناشدات والمطالبات لا تزال الحكومة مصرّة على الاستمرار في عقابهم ورفضت إنهاء عزلهم، رغم إن أهالي هؤلاء السجناء شرحوا الظروف القاسية في هذا السجن التي تتجاوز بكثير ما يعانيه السجناء في زنازينهم. فالسجناء مقيدون بالسلاسل طوال الوقت، ويتعرضون للضرب المتكرر والإهانات، ولا يسمح لهم بالتعرض للشمس، ولا يحصلون على تغذية جيدة.
السجين محمد الخور أرسل رسالة عتاب مؤلمة من داخل السجن، طالب فيها أبناء الشعب بإعلان التضامن مع السجناء في محنتهم، لبت أعداد من المواطنين النداء، إذ خرجت أكثر من مسيرة للتضامن مع المعتقلين وأعلنت تأييد مطالبهم، وعبّرت عن الوفاء لهم، وطالب المتظاهرون بالإفراج عن السجناء.
من طرف الحكومة، يخيم الصمت، لم تقبل إدارة السجون حتى الآن فتح حوار مع السجناء من أجل مطالبهم، ولم يتم إخراج معتقلي العزل من مكانهم، ولم يتحدث سوى مصدر من وزارة الداخلية مع وكالة أسوشيتد برس قال إن السجناء يحصلون على معاملة جيدة وتغذية جيدة.
أيضا وفد من النيابة العامة زار المعتقلين المضربين عن الطعام وسجّل مطالبهم، فيما يبدو أنّها محاولة معتادة للالتفاف على المطالبات وكسب الوقت في مواجهة هذا الإضراب الواسع، الذي يؤكد شيئا واحدا ويذكّر العالم به، بأن في البحرين مأساة إنسانية وأزمة سياسية مستمرة، ونارٌ تحت الرماد.