هل رفض السجناء عرضا لحصولهم على امتيازات إضافية؟

سجن جو (صورة أرشيفية)
سجن جو (صورة أرشيفية)

2023-09-01 - 9:18 م

مرآة البحرين (خاص): في خبر نشرته غالبية وسائل الإعلام وتناقلته تلفزيونات العالم، قالت وكالة رويترز إنّ سجناء سياسيين مضربون عن الطعام في البحرين، رفضوا الامتيازات الإضافية التي قدمتها الحكومة، وقرروا تمديد احتجاجهم، وهو ما ينذر بمخاطر أكبر في حدوث مواجهة منذ سنين بين المعارضين والعائلة الحاكمة. وفق تعبير الوكالة.
التدقيق في العنوان المنتشر مع الخبر، لا يبعث على التفاؤل، وربما لا يكون دقيقا.
أولا: هل هناك عرض حقيقي قدّم للسجناء أم مجرد وعود تم ذكرها في خبر إعلامي للعموم؟
ثانيا: هل تزايد مخاطر أكبر مواجهة منذ سنين بين المعارضين والعائلة الحاكمة، الذي تحدثت عنه الوكالة ناتج عن رفض السجناء لما قالت إنه عرض قّدم لهم ورفضوه؟
ثالثا: هل كان يجب على السجناء أن يفكوا إضرابهم بناء على وعود وردت في خبر إعلامي، ولم يطبق على أرض الواقع، فلا سجناء العزل عادوا، ولا الحاجز الزجاجي البغيض تمت إزالته، ولم ينقل المرضى للمستشفيات، أين هي الامتيازات التي ذكرتها الوكالة كأنها أمر حقيقي تم عرضه على السجناء؟
المتابعون للإضراب منذ يومه الأول، يعرفون كيفية تسلسل الأحداث، وما الذي يمكن أن يوحي به عنوان رويترز ومضمون خبرها من تبرير للداخلية التي تريد تقديم السجناء بمظهر المتعنت الذي لا يقبل الحلول.
بعد نحو عشرين يوما من بدء الإضراب، استقبل ولي العهد رئيس سلمان بن حمد وزير الداخلية راشد بن عبدالله آل خليفة، وفي اليوم التالي استقبل وزير الداخلية رئيس الوطنية لحقوق الإنسان، وخلال اللقاء أعلن وزير الداخلية عن مراجعة عدد من الإجراءات.
وبالعودة إلى نص البيان الذي نشرته وكالة أنباء البحرين، سنجد أن كل ما ذكر، لم يكن سوى وعود، وأن لا قرار اتخذ بخصوص أي من هذه القضايا.
يقول البيان مثلاً "تمت مناقشة الخدمات الصحية المقدمة للنزلاء من قبل المستشفيات الحكومية" دون توضيح ما يعنيه هذا الكلام، يضيف البيان أيضاً "مراجعة نظام الزيارات للنزلاء وتطويره ليشمل زيادة توقيت الزيارة"، وكلمة مراجعة لا تعني بالضرورة اتخاذ أي قرار معين مستقبلاً.
يكمل بيان الداخلية أنه خلال اللقاء تمت مناقشة أيضاً "زيادة وقت الاستراحة اليومية (التشمس)، وفيما يتعلق بزيادة تعرفة الاتصال فهناك تنسيق جاري مع شركة الاتصالات حول مراجعة هذا الأمر".
لقد كان بإمكان وزير الداخلية وهو يملك الصلاحية الكاملة، أن يقول خلال اللقاء إنه قرر زيادة وقت التشمس، أو زيادة عدد أفراد الأسرة وتعديل شروط قائمة الزوار ... الخ، لكنه فضل إبقاء خياراته مفتوحة، ما يعني عدم تقديمه أي تنازل مستقبلاً، إن أقدم السجناء على فك الإضراب اليوم.
لهذا قرر السجناء الاستمرار في إضرابهم لأن الداخلية ببساطة لم تقدم عرضا، وإنما قدمت وعودا عبر بيان إعلامي لا أكثر ولا أقل، فهل هذا الأمر غير واضح بالنسبة لوكالة إعلامية عملاقة مثل رويترز، بالتأكيد لا ليس صعبا فهي بالتأكيد تفرق بين الوعود عبر التصريحات وبين العروض الرسمية في جلسات التفاوض، وهذا ما يجعل نشرها لخبر بمثل ههذ الصياغة غريبا بعض الشيء.
الخبر الذي ينتشر الآن حول العالم يقول إن السجناء في البحرين يرفضون عرضا لحصولهم على امتيازات إضافية!.
لقد جرب البحرينيون هذا الأسلوب سابقا، عبر وضعهم في صورة الرافض للحلول. ففي العام 2014 روجت السلطة وعدد من وسائل الإعلام في الداخل والخارج إن المعارضة ترفض المشاركة في الحياة البرلمانية، بعدها تعرضت المعارضة لقمع شمل اعتقال قيادات معارضة، وإغلاق عدد من الجمعيات، وسحب جنسيات، وحصار للشيخ عيسى قاسم استمر نحو عامين وختمته السلطة بمجزرة في العام 2017. لهذا يجب القلق من ترويج خلاصات غير دقيقة من نوع أن السجناء يرفضون امتيازات إضافية، الحقيقة مرة أخرى هي أن السجناء لم يعرض عليهم شيء وأنه ليس هناك سوى بيان الداخلية للإعلام.
لقد قرر السجناء الاستمرار في إضرابهم لأنه لا حل أمامهم، فهم منذ سنين يعانون أوضاعا صعبة جدا على المستوى الإنساني، وقد استشهد عدد منهم بسبب الانتهاكات المستمرة بحقهم، لذلك اتخذوا قرارهم النهائي بدخول إضراب جاد، لكنهم لم يقابلوا إلا بوزير داخلية مهووس بالانتقام والقمع، ورئيس حكومة لم يتحدث طوال فترة الإضراب، سوى مع مذيعي الإذاعة الإنجليزية يوم أمس.