فرصة الملك التاريخية
2024-01-26 - 1:22 م
مرآة البحرين (خاص): يعيش ملك البلاد حمد بن عيسى آل خليفة وضعاً أقل ما يقال عنه أنه حرج، هو يرى البلاد بمن فيها غاضبة كل الغضب من مجازر الصهاينة التي لم تتوقف منذ ما يقرب الأربعة أشهر، وفي نفس الوقت يتعرض لضغوط شديدة خصوصاً مع التزاماته التي بموجبها تخلّي عن سيادة الدولة وقرارها السياسي.
يقود ملك البلاد جزيرة صغيرة أكثر من نصف شعبها يعاديه ويخاصمه منذ ما يزيد عن العقد، فالطائفة الشيعية التي تعرضت للتنكيل والقمع منذ 2011 تحمّله شخصياً مسؤولية عشرات الشهداء وآلاف المعتقلين والمهجرين ومن الصعب عليها نسيان ذلك.
وقد انعكست الأوضاع السياسية المتأزمة، على الوضع الاقتصادي، وبانت عورة الحكومة مع تراجع أسعار النفط، ولم تستطع مليارات الماريشال الخليجي تغطيتها، وزاد من الفشل الاقتصادي إمساك ولي العهد بزمام الأمور وتطبيقه للسياسات النيوليبرالية القاسية، التي زادت الشعب فقراً، في قبال البذخ واللعب بأموال ومقدرات البلد من رأس السلطة إلى أصغرهم.
لكن كل هذه المشاكل التي تبدو معقدة، لم تغيّر من طبيعة الفرصة التاريخية التي جاءت للملك على طبق من ذهب، فبعد تصريح رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو مؤخراً عن رفضه حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية، أصبح كل العرب وخصوصاً المطبعين أمام فرصة لغسل العار الذي لحق بهم جراء الاتفاقيات المشؤومة.
يبدو ملك البلاد اليوم أمام فرصة حقيقية لكسب بعض الشعبية بإلغاء اتفاقيات التطبيع وإنهاء أي علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع الكيان، في حين أن خطوة كهذه قد لا تؤيدها الولايات المتحدة علناً، لكنها بالتأكيد لن ترفضها سرّاً، كيف لا وهي قد تساهم في الضغط على نتنياهو لتقديم التزام وإن شفوي للرئيس الأمريكي يساعده في الانتخابات المزمع عقدها أواخر العام الجاري.
خطوة كهذه قد تكسب الملك بعض الشعبية ولا تكلّفه سياسياً الكثير، لكن مع الأسف فإن ما تقوم به الدولة التي تنفذ توجيهاته، تتنافى تماماً مع ما ندعو إليه ونتمناه، حيث تشير الإحصائيات الرسمية الصادرة عن الحكومة الإسرائيلية أن البحرين كانت ثالث أهم منفذ لاستقبال البضائع إسرائيلية في 2023 بعد أن أغلقت على الكيان المنافذ لتصدير منتجاته بسبب حربه على غزّة (يشير تقرير صادر عن وزارة الاقتصاد الإسرائيلية إلى أن صادرات الكيان تراجعت بنسبة 6٪ في العام 2023 بسبب الحرب على غزة، لكنها زادت بشكل ملحوظ في أربع دول عربية هي المغرب 128٪، مصر 73٪، البحرين 54٪ والأردن 13٪).
أيضاً فإن قراراً بحجم مشاركة البحرين في عملية عسكرية ضد جماعة أنصار الله في اليمن، دعماً للكيان الإسرائيلي، لم يكن ليصدر إلا من أعلى هرم السلطة، مع كل ما يعنيه هذا القرار من خيانة وعمالة.
على الرغم من أن هذه الفرصة التاريخية من الصعب تكرارها، لكن الملك على ما يبدو حتى الأن، قرر المضي قدماً في رهن قرار البلد ومصيره بالخارج، هو ارتضى لنفسه التبعية المطلقة، وقرر السير حتى النهاية في هذا الطريق الذي لن يزيده إلا كرهاً وسط المواطنين.