درس سوريا ،، هل من متعلم

منصور عبدالله - 2024-12-13 - 12:57 ص

قد يكون الدرس السوري الذي جاء كالبرق الخاطف سريعاً،  بمثابة الرسالة المباشرة والعميقة لبعض الأنظمة التي حلمت وتوهمت طويلاً أنها قضت على تطلعات شعوبها وطموحاتهم وآمالهم في التغيير.

في البحرين تعيش السلطة نفس شعور النظام السوري، فكلاهما توهم بأنه انتصر نصراً ساحقاً، وأن القوة والبطش وتكميم الأفواه، واستخدام أساليب القوة، قد أجهزت على التطلعات الشعبية، وأنها انتهت إلى غير رجعة.

النظام السوري يملك ترسانةً أكبر، ونفوذًا أكثر، وعمقًا أمنيًا أوسع، ولكن كل ذلك لم ينهي طموح الشعب السوري، وسخطه وغضبه، رغم أن الحراك هناك اختفى وتلاشى وتراجع، للحد الذي لم يكن يتوقع أحد أن يعود من جديد، ليحقق أحلامه وآماله في التغيير، والانتقال الديمقراطي، والوصول إلى حكم الشعب، بدلاً من حكم الفرد والعائلة.

قد تتباين الأساليب والآليات والطروحات، فالملاحظات والمؤآخذات لم تكن قليلة على حراك الشعب السوري، لكن كل ذلك لا يمنع من تعلم الدرس والبناء على التجربة.

حراك البحرين يتشابه في بعض مفاصله ومفاتيحه مع ما جرى في سوريا، وأهم معالم التشابه ترتبط بطول الأزمة، وعنف الحاكم، وتوهمه بأنه حطم آمال البحرينيين، بالقمع والعنف والكذب والتحايل، ولكن النظام السوري كان أشطر ولم تنفعه شطارته.

الأزمة السياسية في البحرين تعمقت وتوسعت، وأصبح الحال أكثر سوءًا، وأشد وجعاً، مما كانت عليه في البدايات. ففي عام 2011، لم يكن هناك وضع معيشي صعب كما هو الآن، فقد أصبح المواطن بعد 2011 يدفع الضرائب، وطوابير البطالة تزايدت، والضغوط المعيشية والاقتصادية باتت أكثر إيلاماً، وأصبحت متطلبات الحكم وشروطه وفواتيره عالية جداً، لا يتحملها المواطن، وتبدلت القوانين والإجراءات لتصبح جميعها على حسابه، كالتقاعد والرواتب والرسوم الحكومية والضخ الأجنبي المرعب. يُضاف كل ذلك إلى القمع وتكميم الأفواه بلا حدود، وتوجه النظام لكسر إرادة الناس، بالتطبيع والتجنيس، وملفات أخرى طالت الطبقات المختلفة في المجتمع، من رجال الأعمال لصغار التجار، ولم تعد لأحد مهابة ولا كرامة في هذا البلد.

إن الدرس السوري يجب أن يكون نصب العين لدى الحاكمين في البحرين، وبشكل جاد، فالمماطلات والخزعبلات والبروبغندات، كلها تشكل وقوداً لمزيد من السخط والقهر والحرمان.

إن مجموعة المتمصلحين والمستثمرين في أزمة 2011، والذين يشكلون الرأي لدى الحكم، هم أنفسهم من يدفعون الحكم للمزيد من الخراب والعزلة، ويدفعون للمزيد من التأزم، وتهيئة الظروف للوصول لمرحلة الانفجار، وكل المؤشرات ستوصل لهذه النتيجة، قريباً، أو في المدى المتوسط.

لازال أمام الحُكم فرصة للذهاب في تسوية سياسية، تستوعب الواقع المأزوم، والتأخير سيساهم في صعوبتها، واتساع رقعتها، وتعقيد مشهديتها.