إميل نخلة: انتر برس سرفس
ترجمة: مرآة البحرين
واشنطن 4 كانون الثاني/يناير 2013 (IPS) – بينما يدخل الربيع العربي عامه الثالث، على الديمقراطيات العربية الجديدة والمجتمع الدولي التأمل في الدروس الهامة العديدة من العامين الماضيين.
التفكير في هذه الدروس والتعلم من التاريخ، مهما كان حديثا، يمكن أن يساعدنا في فهم مسار المرحلة المقبلة في السياسات العربية والاستقرار الإقليمي. وبعض القضايا الرئيسية التي أثيرت في الأسئلة ادناه يتم تسليط الضوء عليها تحت عنوان "النزعات العالمية 2030"، المنشور الأخير لمجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي.
الدرس 1: الاضطرابات الداخلية والصراع على الحكم الناجمة عن إسقاط الطغاة يمكن أن تأخذ على الأقل من سنتين إلى ثلاث سنوات لتنحسر . ويجب على واشنطن والعواصم الغربية الأخرى أن تبقى بعيدة عن هذه المناقشات وأن تسمح لمراكز السلطة الأصلية الجديدة – الإسلاميين والعلمانيين – لرسم مسار معقول دون "نصائح" من الخارج.
ومن المتوقع أن تكون المناقشات الداخلية التي سوف تملأ "فجوة الحكم" مكثفة وسلمية إلى حد كبير. النشوة التي تلت السقوط الرديء لمبارك، المعروف بثالث أطول دكتاتور بعد رمسيس الثاني، فسحت الطريق أمام نفاد الصبر والإحباط إزاء بطء وتيرة التحولات الديمقراطية.
الخلافات الساخنة في مصر حول مسودة الدستور المعتمد مؤخرا، على سبيل المثال، ينبغي أن يتيح فرصة المصالحة من خلال صناديق الاقتراع، وليس الرصاص. في حين أن البقاء خارج المشاحنات الداخلية، فإن الولايات المتحدة لا تزال لاعبا رئيسيا في المنطقة في السنوات القادمة – اقتصاديا وعسكريا وسياسيا.
الدرس 2: فهم المجتمعات الإسلامية الشرق أوسطية المتنوعة والمعقدة يتطلب محللين سياسين واستخباراتيين من خارج المنطقة لاكتساب الخبرة العميقة في الديناميات الثقافية والتاريخية والسياسية والدينية للمجتمعات العربية.
الاعتماد فقط على البيانات القابلة للقياس الكمي والنماذج التحليلية الغربية غالبا ما تنتج تحليلًا غير واف. وعدم القدرة على توقع الربيع العربي قبل عامين هو مثال على ذلك.
ولأن العديد من المحللين السياسيين في الغرب لم يقدروا على تحديد هذه المطالب مثل الكرامة والعدالة، والاحترام، التي عبر عنها الملايين من الشباب العربي في احتجاجاتهم ضد الحكام المستبدين في مصر وتونس، واليمن، وليبيا، فإنهم وللأسف رفضوها باعتبارها ليست سوى غلو "شارع العرب".
نفس هذه المطالب لا تزال في قلب المظاهرات الحاشدة في البحرين وأماكن أخرى.
الدرس 3: ظهور السياسة الإسلامية في مصر وتونس وليبيا واليمن وأماكن أخرى، تعمل على تأجيج حديث جدي حول ما إذا كانت الأحزاب السياسية الإسلامية معتدلة وما اذا كان الفكر الديني هو الورقة الرابحة في البراغماتية السياسية. فالليبراليون والعلمانيون العرب والمدافعون عن الحقوق المدنية قلقون بحق حول المسار المستقبلي للإسلام السياسي والحكم في مصر وأماكن أخرى.
وثيقة دستورية مصرية جديدة يبدو أنها تجسد الحجتين من كلا جانبي الانقسام العلماني/الديني. إنها توطد لأساسية القانون الإسلامي أو الشريعة في الحكم، لكنها أيضا تعترف بالحريات الفردية الأساسية في التعبير والتجمع.
السؤال الجوهري هو ما إذا كان ينبغي أن تكون الشريعة الإسلامية مصدر التشريع أو مصدرًا للتشريع في مصر الجديدة وما إذا كانت ممارسة حرية التعبير والتجمع خاضعة للتفسيرات المتشددة للشريعة الإسلامية. دعم المدافعين عن حقوق الإنسان تعمل على تحرير هذه الحريات من سيطرة الدولة.
الإخوان المسلمون خسروا الكثير من شرعيتهم كحزب حاكم لأنهم لم يمنحوا الأقليات العرقية والدينية الفرص الاقتصادية والسياسية المتساوية. ويجب على "الإخوان المسلمون" أيضا أن يعترفوا بأن الشريعة لا يمكنها أن تكون الفكر السائد في مصر.
منذ أكثر من قرن غرس المفكرون المصريون اللامعون جمال الدين الأفغاني، محمد عبده، ورشيد رضا في مصر الفكر الإصلاحي والليبرالي العريق. لا يمكن لـ "الإخوان المسلمون" ورئيسهم محمد مرسي أن يأملوا أن يكونوا مقبولين كحكومة شرعية لمصر إذا ما أخمدوا هذا التقليد الإصلاحي عميق الجذور.
الدرس 4: اذا كانت واشنطن لا تزال غافلة عن انتهاكات حقوق الإنسان في الدول العربية، بما في ذلك الحلفاء المقربون للولايات المتحدة، فإن القمع الاستبدادي سوف يتواصل دون رادع. وبناءً على ذلك، ينبغي لنا توقع أن الغضب الشعبي على نفاق وازواجية المعايير للولايات المتحدة سينعكس على المصالح الأمريكية والناس في المنطقة.
العنف يحتدم في سوريا، وبينما يركز العالم على تضاؤل أيام الأسد تستمر انتهاكات حقوق الإنسان في بلدان أخرى. وحتى الآن، الربيع العربي أنتج حكومات منتخبة ديمقراطيا في أربع دول عربية.
الربيع العربي في تقدم ويتطلب من المجتمع الدولي أن يظل يقظا إزاء ممارسات النظام غير المشروعة ضد المتظاهرين السلميين.
الكثيرون في الغرب يشعرون حقا بالقلق حول مستقبل ما بعد نظام الأسد في سوريا والمجازر المتزايدة في تلك البلاد، ولكن على العالم أن لا يغفل عن محنة المجتمعات الشيعية في البحرين، و السعودية، وغيرها من دول الخليج.
المدافعون عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء المنطقة يتهمون الولايات المتحدة بالنفاق والكيل بمكيالين بسبب رد فعل واشنطن الصامت تجاه ما يحدث في البحرين.
الدرس 5: وكما أن خلق فرص العمل وتنظيم المشاريع سيكون حاسما لنجاح التحول الديمقراطي، فإن على الحكومات العربية أن تعتمد سياسات اقتصادية خلاقة لتعزيز النمو الاقتصادي. الفشل في القيام بذلك سوف يعيق قدرتها على بناء الاقتصادات الحديثة.
يجب تمرير برامج التحفيز الشديدة التركيز والاستثمارات الجديدة، والضرائب، والقوانين التجارية وذلك بهدف تقييد دور الحكومة في الاقتصاد وتوسيع حق أصحاب المشاريع الفردية و أصحاب الأعمال التجارية الصغيرة، رجالًا ونساءً، لمتابعة المشاريع الاقتصادية بحرية.
وكما كتبت في مكان آخر، القطاع الخاص هو المحرك الذي يدفع حيوية الاقتصاد وخلق فرص العمل. فإذا قدرت الحكومات الجديدة من تسخير قوة الشعب من خلال تقليل الأنظمة وسن قوانين السوق المساعدة، فإن الحيوية الاقتصادية سوف تصبح ممكنة. والطبقة العاملة هي العمود الفقري للمجتمع الديمقراطي.
وكلما تواصلت الاضطرابات العربية، هذه الدروس الخمسة تنتج اثنين من التنازلات: الأولى، وهو أن يتم ببطء استبدال النموذج الاستبدادي ببنية سياسية جديدة تقاد بشكل مبهم من قبل سلطة الشعب.
الثانية، في حين أن الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى لا تزال منخرطة في العالم العربي، وفي حين أنهم يحتاجون للمساعدة للتخلص من الطغاة، فإن شعوب المنطقة ستحدد مستقبل بلادها ونوع الحكم الذي يشعرون بالارتياح له.
* إميل نخله هو المدير السابق لبرنامج التحليل الاستراتيجي للإسلام السياسي ومؤلف كتاب "الإشراك اللازم: إعادة تحديد دور علاقات أمريكا مع العالم المسلم".
4 كانون الثاني/يناير
رابط النص الأصلي