» رأي
البحرين والعبور نحو الحرية
إيمان شمس الدين - 2013-02-17 - 9:03 ص
إيمان شمس الدين*
بعد عامين من انطلاق الحراك المطلبي للشعب البحريني، ما زالت السلطة في البحرين تنهج نفس النهج، ولكن بشكلٍ تصاعدي، من قمعٍ وتعذيب واعتقال وقتل وتعسّف، والغريب أنه في هذه الأجواء، بين الفينة والأخرى، تدعو أطراف المعارضة للحوار.
والتقادم الزمني للثورة، مع الإصرار على نهج نفس المنهج التصعيدي ضد الحراك المطلبي وضد المتظاهرين السلميين، لا يمكنه أن يعطي أي مصداقية لدعوة الحوار، بل هو يأتي في سياق يتناسب مع الظروف المحيطة، بمعنى أنها دعوة إما لشق صفوف المعارضة، لمعرفتها المسبقة بوجود اختلاف حول هذه المسألة، أو لتنفيس الضغط الخارجي الحقوقي عليها، أو كسب وقتٍ لإعادة انتشار جديدة في الوضع الأمني، لكبح جماح الثورة والثائرين.
لكن هل يعني ذلك رفض الحوار جملةً وتفصيلًا؟
القبول بالحوار لا يكون إلا وفق قواعد، يتم فيها الاستفادة من التجارب السابقة أولًا، وأن لا ينزل بسقف المطالب الشعبية في تحقيق ديموقراطية تعددية، وكل المطالب التي ما زالت إلى اليوم تسقط لأجلها دماءٌ طاهرة ثانيًا. ولكن أيضًا هناك هدفا آخر لأي محاولة للقبول بالحوار، وهو كشف هذه الدعوة وتجريدها أمام الجميع في الداخل والخارج، خاصةً أن السلطة لا يمكن أن تصدق في دعوتها للحوار، إلا وفق أسس هي تضعها لا تُفرض عليها من قوى المعارضة والقوى الشعبية لعدة اعتبارات أهمها:
- السنّة في الداخل البحريني وهواجسهم التي صنعتها السلطة لهم وأقنعتهم بها.
- الجوار، وخاصةً السعودية، التي لديها مخاوفها السياسية والمذهبية والإقليمية، خاصةً فيما يتعلق بملفها مع إيران، وخاصةً بعد فشلها في لبنان وسوريا والعراق، وتقدّم الحوثيين كجهة منظمة وأكثر قدرة على المواجهة والانتشار في اليمن، والحراك المطلبي في القطيف، مما يجعل هواجسها دومًا في ازدياد، وهو قلق وجودي يدفعها لإفشال أي محاولة لتحقيق مطالب المعارضة البحرينية، خوفًا من مبدأ عدوى التحوّل الديموقراطي، التي أدّت لسقوط بن علي في تونس، ومبارك، وهو حليفها الاستراتيجي، في مصر، مع وصول العدو التاريخي للوهابية، حليف آل سعود، وهم الإخوان المسلمين في مصر، لسُدّة الحكم.
- إضافةً للرعاية الأجنبية التي تريد لهذه الأنظمة البقاء والاستمرار، للحفاظ على مصالحها في المنطقة، لكن من خلال إجراء عمليات تجميلية بسيطة تخفّف من احتقان الشعوب في هذه المنطقة.
فالقبول بهذه الدعوة من بعض الأطراف، وإن كان هناك من يعارض هذه الدعوة ويرفضها جملةً وتفصيلًا، فقبول أطراف من المعارضة لدعوة الحوار لا يعني أبدًا تنازلهم عن مطالب الشعب البحريني، لأن ذلك ليس من حقهم أولًا، ولأنهم لا يمثّلون كل أطياف الحراك وشباب الثورة. لكن نحن نريد أن نكشف زيف هذه الدعوة، من خلال توزيع الأدوار بين أطياف المعارضة. هذا الكشف هو بدخول أطراف بالمَطالب كافّة، دون تنازلٍ عن شيء، ووضعها على طاولة الحوار، لنرى كيف سيتعامل الداعون للحوار مع هذه المطالب، ومدى جدّيتهم في حل الأزمة في البلاد.
وهذا لا يعطي الحق لأي جهة أن تسلب حق أحد، سواء بالمشاركة في الحوار، أو استمرار الحراك على الأرض وعدم هدوء الساحات إلى حين تحقيق كافة المطالب، خاصّةً مع وجود تجربة سابقة مع هذا النظام، ثبت فيها التفافه وقفزه على كل الاتفاقيات التي تمت بينه وبين قوى المعارضة في السابق.
إن استمرار سياسة اللاعنف بدأ يحقق أهدافه، ويضغط أكثر على النظام البحريني، وما يُدلّل على ذلك محاولته بثّ إشاعات حول قوى المعارضة، باستخدام أسلحة، أو قتل رجال أمن، أو غيرها من الوسائل التي تستخدمها لنفي السلمية وإثبات عنفية الحراك، وهذا يُدلّل على تأثير مبدأ السلمية واللا عنف في الحراك على النظام، وازدياد الضغط الدولي عليه، بل حتى داخليًا هناك بحرينيون انضموا لقوى المعارضة بعد أن سقطت كل أقنعة النظام تحت سلمية حراك المعارضين.
بعد عامين على الثورة، البحرين تعبر نحو الحرية بتقديمها مزيدًا من القرابين على هذا الطريق، وهو ما يزيد من حتمية النصر، وتحقيق المطالب، مهما بدت الظروف السياسية الخارجية ومؤشّراتها سلبية فإن سلمية الحراك ومعطياته وتضحياته تُحتّم النصر.
فكل عام والشعب البحريني على طريق التحرّر وتحقيق المطالب.
*كاتبة من الكويت.