» رأي
سقط الرهان
عادل مرزوق - 2011-05-12 - 5:48 م
عادل مرزوق
سقط الرهان، وسقطت وجوه آن للمشهد السياسي في البحرين أن يلفظها من فمه، آن له أن يمر بسلام مما تسببت فيه من أوجاع وخسارات. سقط رهان من وجدوا في إعلان حالة الطوارئ، والقتل، والترهيب، والإقالات والاعتقالات الجماعية، وشتى مظاهر الاستهداف الطائفي، والتنكيل بالكتلة الوطنية، المفتاح السحري لكسر قواعد اللعبة السياسية وقلب المعادلة لصالحهم. لم يستطع صف الفتنة تحقيق منجز واحد في العشرية الأخيرة، وفشل هذه المرة أيضاً، فرغم الوجع والحزن والقسوة التي عاناها أبناء هذا الوطن، كان هذا الشعب على الموعد في الثبات والصبر، وتقديم التضحيات في سبيل حريته وكرامته.
منذ بداية ربيع الثورات العربية في تونس ومصر والبحرين واليمن وليبيا وسوريا، لم يكن لثورة شعب أن تعاني من تجاهلها إعلاميا كما عانت ثورة اللؤلؤة، لكن عزيمة هذا الشعب كانت في حاضرة في موعدها، صلبة ثابتة. لم يهدأ، لم يستسلم لآلة القتل والتدمير والتخريب، ولم ترهبه المجنزرات والآليات العسكرية ونقاط التفتيش الطائفية. كان الشهداء ـ الذين قدموا أرواحهم قرباناً لحريتهم المنشودة ـ وقود الحماسة والشجاعة، وكانت مواقف المُحَاصرين في القرى دليل الصبر والأنفة وعنوان التحمل وناقوس الكرامة. هو موعد مع الحرية عقده أبناء أوال في الرابع عشر من فبراير، ولم يحدث في التاريخ أن أخلف هذا الشعب ميعاداً.
التعجيل بإنهاء حالة السلامة الوطنية قبل خمسة عشر يوماً من موعد انتهاءه بحسب مرسوم اعلانه والمواقف الرسمية التي بدأت تتناقض مؤخراً، كلها دلالات على أن الحل الأمني ـ الذي أتى ليطوي ويستبعد مبادرة سمو ولي العهد ـ لم يأت بثماره، والأكثر من ذلك، أنه أضاف لسلة الخسارات السياسية والاقتصادية خسارات جديدة أكثر فداحة في وقعها وتأثيراتها من جهة، وأكثر كلفة في تجاوزها من جهة اخرى.
لقد افرزت دورة العنف الأخيرة لاعبين جدد وفضاء وفهماً جديدين في مسرحنا السياسي، وبات من الصعب القدرة على التنبؤ بما تحمله الأيام المقبلة، والثابت الوحيد فيما استجد، هو أن الخاسر الأكبر في هذه التعقيدات الجديدة في المشهد هي السلطة نفسها. لقد أذابت دورة العنف ما تبقى من كتل الثلج في المعادلة، وأصبحت حدود التسوية المقبلة أكثر حدة وعمقاً، حدة في المواقف السياسية من شتى المكونات السياسية، وعمقاً في النظر للتسوية المنتظرة، فثمة إصرار وتنبه كبيرين، في أن تكون التسوية المرتقبة شاملة وكاملة وبكافة الضمانات الكفيلة بأن لا يكون ثمة مراوغات/ثغرات جديدة كالتي احتواها ميثاق العمل الوطني.
لقد أظهرت الجمعيات السياسية المعارضة في هذا الإختبار رشداً وحنكة وأناة في ادارة ملفات الأزمة وثباتاً في المطالبة بملكية دستورية حقيقية، وقدمت للبحرين تجربة ومثالاً في العمل الوطني الثابت والمتمسك بوحدة الخطاب الوطني متجاوزة خطابات الطوائف. وقبالة ذلك، لعبت الدولة عبر الخطاب الطائفي وبتوظيف ساذج للشيخ عبداللطيف المحمود ـ الذي فقد رصيده الوطني بما أقدم عليه من تحريض طائفي وقلب للحقائق ـ أسوأ أوراق اللعب، وخلاف "الفزعة" الخليجية المتوقعة ممثلة بقوة درع الجزيرة لم تستطع المنامة أن تقنع أحداً بهذه الورقة. وليس توافق إدانات المنظمات والهيئات الحقوقية والتغطيات الصحافية من وكالات الأنباء ووسائل الإعلام الدولية على أن الفرز والعنف الطائفيين هما من جانب الدولة فقط، إلا دلالة على أن الدولة قد أخفقت في كل شيء، في الخيارات، وفي إدارة هذه الخيارات أيضاً.
بقى أن نسأل هل ثمة أفق للحوار والتسوية، لن أراهن، وهي المرة الأولى التي أتخلى فيها عن شعار مهني أؤمن فيه ومفاده "الإعلام يجيب القارئ ولا يسأله"، وأقول لكم ختاماً: هل تعتقدون أن ثمة أفقاً للحوار والتسوية؟
منذ بداية ربيع الثورات العربية في تونس ومصر والبحرين واليمن وليبيا وسوريا، لم يكن لثورة شعب أن تعاني من تجاهلها إعلاميا كما عانت ثورة اللؤلؤة، لكن عزيمة هذا الشعب كانت في حاضرة في موعدها، صلبة ثابتة. لم يهدأ، لم يستسلم لآلة القتل والتدمير والتخريب، ولم ترهبه المجنزرات والآليات العسكرية ونقاط التفتيش الطائفية. كان الشهداء ـ الذين قدموا أرواحهم قرباناً لحريتهم المنشودة ـ وقود الحماسة والشجاعة، وكانت مواقف المُحَاصرين في القرى دليل الصبر والأنفة وعنوان التحمل وناقوس الكرامة. هو موعد مع الحرية عقده أبناء أوال في الرابع عشر من فبراير، ولم يحدث في التاريخ أن أخلف هذا الشعب ميعاداً.
التعجيل بإنهاء حالة السلامة الوطنية قبل خمسة عشر يوماً من موعد انتهاءه بحسب مرسوم اعلانه والمواقف الرسمية التي بدأت تتناقض مؤخراً، كلها دلالات على أن الحل الأمني ـ الذي أتى ليطوي ويستبعد مبادرة سمو ولي العهد ـ لم يأت بثماره، والأكثر من ذلك، أنه أضاف لسلة الخسارات السياسية والاقتصادية خسارات جديدة أكثر فداحة في وقعها وتأثيراتها من جهة، وأكثر كلفة في تجاوزها من جهة اخرى.
لقد افرزت دورة العنف الأخيرة لاعبين جدد وفضاء وفهماً جديدين في مسرحنا السياسي، وبات من الصعب القدرة على التنبؤ بما تحمله الأيام المقبلة، والثابت الوحيد فيما استجد، هو أن الخاسر الأكبر في هذه التعقيدات الجديدة في المشهد هي السلطة نفسها. لقد أذابت دورة العنف ما تبقى من كتل الثلج في المعادلة، وأصبحت حدود التسوية المقبلة أكثر حدة وعمقاً، حدة في المواقف السياسية من شتى المكونات السياسية، وعمقاً في النظر للتسوية المنتظرة، فثمة إصرار وتنبه كبيرين، في أن تكون التسوية المرتقبة شاملة وكاملة وبكافة الضمانات الكفيلة بأن لا يكون ثمة مراوغات/ثغرات جديدة كالتي احتواها ميثاق العمل الوطني.
لقد أظهرت الجمعيات السياسية المعارضة في هذا الإختبار رشداً وحنكة وأناة في ادارة ملفات الأزمة وثباتاً في المطالبة بملكية دستورية حقيقية، وقدمت للبحرين تجربة ومثالاً في العمل الوطني الثابت والمتمسك بوحدة الخطاب الوطني متجاوزة خطابات الطوائف. وقبالة ذلك، لعبت الدولة عبر الخطاب الطائفي وبتوظيف ساذج للشيخ عبداللطيف المحمود ـ الذي فقد رصيده الوطني بما أقدم عليه من تحريض طائفي وقلب للحقائق ـ أسوأ أوراق اللعب، وخلاف "الفزعة" الخليجية المتوقعة ممثلة بقوة درع الجزيرة لم تستطع المنامة أن تقنع أحداً بهذه الورقة. وليس توافق إدانات المنظمات والهيئات الحقوقية والتغطيات الصحافية من وكالات الأنباء ووسائل الإعلام الدولية على أن الفرز والعنف الطائفيين هما من جانب الدولة فقط، إلا دلالة على أن الدولة قد أخفقت في كل شيء، في الخيارات، وفي إدارة هذه الخيارات أيضاً.
بقى أن نسأل هل ثمة أفق للحوار والتسوية، لن أراهن، وهي المرة الأولى التي أتخلى فيها عن شعار مهني أؤمن فيه ومفاده "الإعلام يجيب القارئ ولا يسأله"، وأقول لكم ختاماً: هل تعتقدون أن ثمة أفقاً للحوار والتسوية؟