مرآة البحرين الرياضية (خاص): يحاول ولي العهد جاهدا إبعاد شبهة استغلال السلطة لسباق الفورمولا واحد في تلميع صورة النظام السياسي وتحويله إلى نظام منفتح إن لم يكن ديمقراطيا.. يتحدث تارة عن أزمة وتارة أخرى عن انفراج.. لكنه لا يتحدث أبداً عن تفاصيل ما عصف بالبلاد منذ حولين من الزمن.
 
رغم ذلك يمكن القول إن خطاب ولي العهد أكثر قبولاً من غيره في السلطة، فهو الوحيد بين الرؤوس الكبيرة يعترف بوجود مشكلة سياسية قائمة حتى الآن. لا يريد القفز عليها بقدر ما يسعى لتحويرها في سياق مختلف عن الواقع، لكنه في المحصلة يتطلع لأن تنتهي بأقل ضرر قد يضرب البلد الذي سيتوج ملكاً على عرشه ذات يوم.
 
تجلى ذلك خلال الفترة من 19 ولغاية 21 حيث استضافة البحرين الجولة الرابعة من بطولة العالم للفورمولا واحد. كان نشاط ولي العهد محموماً في حلبة الصخير، وكانت تصريحاته لافتة في بعض الأحيان وبالأخص عندما تحدث عن الحوار الوطني في مؤتمر صحافي عقده قبل انطلاق السباق بيوم واحد، وأكد خلاله على أن البحرين لا تستغل هذا الحدث لإعطاء انطباع جيد عن أوضاعها بل أنها تريد الخير لكل البحرينيين!
 
عظيمٌ جداً ما قاله ولي العهد، ولكن - للتذكير فقط -  فإن أي موضوع سياسي يطرح على هامش حدث رياضي يعتبر استغلالا للحدث، فما بالكم لو كان هذا الحدث سباق الفورمولا واحد الذي خرجت مسيرات وبيانات منددة باستضافته.. الغريب أن النظام السياسي البحريني أكثر من يرفض هذا الخلط، فهو من استهدف الرياضيين لأنهم عبروا عن آرائهم كمواطنين إبان انطلاق ثورة 14 المجيدة!
 
مغالطة جديدة وقع فيها ولي العهد، لا تختلف كثيرا عن تلك التي ذكرها في اليوم الأخير من السباق..ولي العهد انتقد إدارة المرور على وجود ازدحام سيارات خارج الحلبة نتج عن تأخر وصول الجماهير في الموعد المحدد. بيد أن الواقع كان مغايراً تماماً عن ذلك، فالسبب الرئيس في الازدحام تتحمله أجهزة وزارة الداخلية التي ثبتت نقطة تفتيش مزودة بماسح ضوئي دقيق جداً للكشف على السيارات المتوجهة لحلبة السباق، وقد اشتد الزحام المروري عند هذه النقطة لأنها أصبحت المنفذ الوحيد المؤدي إلى الحلبة بعد إغلاق الطرق الأخرى لضمان مرور جميع السيارات عبر هذا الجهاز المتطور الذي تم استقدامه بمئات الآلاف من الدنانير بسبب الهاجس الأمني الذي يعتري العائلة المالكة من شعب مسالم!
 
لم تنته الحكاية عند هذا الحد، فقد جاء مالك حقوق سباقات الفورمولا واحد بيرني اكلستون ليؤكد الشكوك التي كانت تحوم حول إقامة السباق في البحرين المضطربة سياسيا والمتورطة في انتهاكات لحقوق الإنسان.اكلستون نفى وجود انتهاكات وأكد في بيان مشترك مع الاتحاد الدولي للسيارات على أن المملكة الصغيرة في الخليج العربي آمنة لإقامة السباق!
 
تصريح غريب أليس كذلك؟ نعم هو كذلك ولكن هذا ما حدث بالضبط.. وهو ما يؤكد أن المسألة لا تعدو عن كونها "ديل" بين ولي العهد وأسرة الفورملا، فهذه الأخيرة لا تريد من وراء كل الضجة الحاصلة إلا أن تملأ خزائنها بالدنانير علها تعوض عجزا ماليا ضرب كيانها وتسبب في إفلاس فرق أصبحت اليوم أثراً بعد عين، وقد يكون هذا السعي الحثيث وراء المال هو من أنسى اكلستون وجود تقرير ووثائق (تقرير بسيوني) تؤكد سيلان عبيط الدم لأبرياء من أبناء الوطن!