مرآة البحرين (خاص): الحفل الذي أقامته السفارة الأمريكية بمناسبة ذكرى عيد الاستقلال الأمريكي الـ237 في فندق (ريتز كارلتون) البحرين بتاريخ 6 مايو الحالي، أثار موجة من التلقيات الطريفة والساخرة في الشارع البحريني، تعلّق ذلك ببعض الحضور، ممن لم تفصل بين تصريحاتهم المدوية والمجعجعة ضد السفير الامريكي، وبين ذهابهم له لنقل أمنياتهم وتهانيهم، سوى ساعات أو أيام. كانت سخرية الشارع لعلمه أن أبواق الجعجعة، ليست سوى أدوات تتحرك بما تؤمر، وغالباً ما تنقلب جعجعتها عليها، لا إليها.

في 4 ابريل 2013 تصرح وزيرة شؤون الاعلام سميرة رجب "أن حكومة مملكة البحرين اطلعت بكل استياء على تقرير الخارجية الامريكية الصادر في 19 ابريل الماضي بشأن حقوق الانسان في البحرين، لما يحتويه من نصوص بعيدة كل البعد عن الحقيقة، ولما اتبعه من صيغة تعزز دور الإرهاب والارهابيين الذين يستهدفون الأمن القومي البحريني، إضافة لما اتسم به هذا التقرير من عدم الموضوعية والانحياز الكامل للفوضى التي يهدف لها الإرهابيون في المنطقة".

في 5 مايو 2013  تصرح رجب في المؤتمر الصحافي الذي أعقب جلسة رئاسة الوزاء، "أن الحكومة ستتخذ إجراءات دبلوماسية لوقف تدخلات السفير الأميركي في المنامة توماس كراجيسكي في الشؤون الداخلية، بعد موافقتها على مقترح برلماني بهذا الشأن".

مساء اليوم نفسه تتلقى الصحف توجيها من وكالة أنباء البحرين الرسمية بعدم نشر تلك التصريحات، حذفتها من على موقعها الإلكتروني أيضا. وانفردت صحيفة الوسط القريبة من المعارضة بنشر تلك التصريحات التي جاءت في وقت تتزايد فيه الانتقادات الرسمية لتقرير وزارة الخارجية الأميركية الذي أدان الحكومة بشأن أوضاع حقوق الإنسان. 

في اليوم التالي مباشرة، أي في 6 مايو، كانت سميرة رجب تتقدّم بابتسامة مشقوقة (لا ممشوقة) من الصدغ إلى الصدغ، في حفل السفارة الامريكية، ظهرت خلال الصور التي بثتها وكالات الأنباء، وهي تبالغ بشكل مفتعل في ملاطفة ومضاحكة السفير الامريكي، كما شاركت في تقطيع الكعكة الخاصة بالمناسبة.

وفي 7 مايو تحمل صحيفة الشرق الاوسط السعودية تصريحاً لرجب أنه: "لا يوجد ما يعكر صفو العلاقات مع الولايات المتحدة"، وتوضح "أن بين الحكومة البحرينية والجهات التي تصدر التقارير عن الأوضاع في البحرين تواصلاً، وتتعامل مع التقارير التي تصف الوضع في البحرين بطريقة حرفية وموضوعية".

الشيخ صلاح الجودر، خطيب جامع قلالي، والمعروف بخطبه وكتاباته المعادية لحركة الاحتجاجات البحرينية، وتخوينه لمطالب أطراف المعارضة، ونسبتها إلى مؤامرة خارجية، يُلقي في تجمع الوحدة الوطنية بتاريخ 10 يناير 2013، محاضرة بعنوان (مخطط تغيير الهوية العربية بمنطقة الخليج). يتهم فيه أمريكا أنها تدير مخططاً "لتغيير الهوية العربية في الخليج"، ويؤكد "أن المخطط الغربي اليوم هو صناعة أمريكية بأيادٍ صفوية وإخوانية".

لكنه في 6 مايو، يحضر في عقر دار السفارة الامريكية المتآمرة والمخططة والمدبرة لتغيير الهوية بأيد صفوية، ويظهر في الصور التي نقلتها وكالات الأنباء مرتدياً (بشت) الفخامة، ومصافحاً السفير الامريكي بابتسامة عرضها كعرض الخليج المخطط لتغيير هويته!

في 1 مايو يخرج العشرات ضمن مسيرة عيد العمال المنظمة من قبل (الاتحاد الحر)، الذي صُنع من قبل النظام برئاسة علي البنعلي رئيس نقابة ألبا سيئة الصيت، بهدف ضرب (الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين). وذلك بعد فضح الأخير، عمليات الفصل الممنهجة لأسباب سياسية خلال أحداث فبراير 2011، وبقاء هذا الملف مفتوحاً رغم توصيات بسيوني.

في مسيرة (الاتحاد الحر) برئاسة البنعلي، أُطلقت شعارات ضد السفير الامريكي في البحرين، تطالب بطرد السفير الأميركي، وذلك بترديدهم «يا سفير الأميركان... يا غراب هذا الزمان... بيننا مالك مكان... بره بره أميركان». كما تتهم كل من رئيس الاتحاد العام ومسئول الأنشطة العمالية في مكتب العمل الدولي وليد حمدان بالعمالة لأمريكا.

وفي 6 مايو، أي بعد 5 أيام فقط، يصطف البنعلي هاشاً باشاً ضمن وفود المهنئين للسفير الأمريكي بمناسبة عيد استقلال بلاده، يقف مصافحاً من أسماه (غراب هذا الزمان) بكل حرارة، يهز يدي (الغراب) بكلتا يديه، وبابتسامة مستبسلة في إظهار الود والحب والمكان والمكانة، هكذا صارت داخل داخل لا برة برة.