تأثير الخصخصة على المؤسسات المحلية في البحرين وآليات انتعاش الاقتصاد المحلي

2025-03-26 - 1:18 ص
بقلم رضا الصائغ
مقدمة
مع توجه البحرين نحو الخصخصة كجزء من استراتيجيتها الاقتصادية، ظهرت مجموعة من التحديات والفرص التي تؤثر على كل من المؤسسات المحلية والمستثمرين الأجانب. وعلى الرغم من أن الخصخصة ليست سلبية في حد ذاتها، فإنها يمكن أن تكون أداة فعالة لتعزيز النمو الاقتصادي إذا تم تنفيذها بتوازن بين المصالح المحلية والخارجية. ومع ذلك، فإن نجاح هذه العملية يعتمد على ضمان عدالة المنافسة بحيث لا تؤدي إلى إضعاف المؤسسات المحلية لصالح الشركات الأجنبية.
التوجه الأولي نحو الخصخصة في البحرين
في البداية، كان توجه البحرين نحو الخصخصة مدروسًا ومنظمًا، حيث تم تأسيس صندوق “تمكين” لدعم المؤسسات المحلية من خلال برامج التمويل والتدريب، مما ساعد على تعزيز قدراتها التنافسية. كانت الفكرة الأساسية هي تمكين الشركات البحرينية لكي تتمكن من الاستفادة من فرص الخصخصة والمنافسة العادلة مع المستثمرين الأجانب، مما يسهم في تحقيق نمو اقتصادي متوازن ومستدام.
الانحراف في تطبيق الخصخصة
مع مرور الوقت، انحرفت عملية الخصخصة عن مسارها الأصلي، حيث تم منح الفرص بشكل أكبر للمؤسسات الأجنبية على حساب الشركات المحلية. ونتيجة لذلك، انخفضت حصة الشركات البحرينية في السوق، مما جعلها تعاني من ضعف التنافسية وأدى في بعض الحالات إلى إغلاقها أو انهيارها. بدلاً من أن تكون الخصخصة وسيلة لدعم الاقتصاد الوطني، أصبحت الشركات الأجنبية هي المستفيد الأكبر، مما ألقى بظلاله السلبية على المؤسسات المحلية.
التحديات التي تواجه المؤسسات المحلية
1. نقص الدعم المالي والتدريبي: لم يتم توفير الموارد الكافية للمؤسسات المحلية، مما جعلها غير قادرة على مواكبة التغيرات السوقية والمنافسة مع الشركات الأجنبية.
2. ضعف القدرة التنافسية: دخول مستثمرين أجانب ذوي خبرات وإمكانات مالية كبيرة جعل الشركات المحلية غير قادرة على المنافسة بفعالية.
3. تفكك الاستراتيجية الأصلية: لم يتم الالتزام بالمخطط الأولي الذي كان يهدف إلى تمكين المؤسسات المحلية أولًا، مما أدى إلى ضعف استفادتها من الخصخصة.
4. ارتفاع الأسعار والضرائب: لم يكن ارتفاع الأسعار فقط بسبب الأزمة الاقتصادية، بل أيضًا نتيجة عدم قدرة المؤسسات الخاصة على تغطية العجز الذي تسببت فيه، مما دفع الدولة إلى رفع الضرائب وتقليل الدعم الحكومي لتعويض هذا النقص، مما أثقل كاهل المواطن البحريني.
التوصيات الاستراتيجية
1. إعادة النظر في سياسة الخصخصة: يجب أن تكون هناك أولوية لدعم المؤسسات المحلية ومنحها الفرصة للمشاركة في الخصخصة بشكل عادل ومنظم.
2. توفير التدريب والتمويل: تحتاج الشركات البحرينية إلى برامج تطوير مستمرة لرفع كفاءتها وجودتها، بحيث تستطيع المنافسة بشكل أكثر فاعلية.
3. ضبط استثمارات الشركات الأجنبية: ينبغي وضع شروط واضحة للمستثمرين الأجانب لضمان نقل المعرفة والخبرات إلى السوق المحلية، بدلًا من السماح لهم بالسيطرة الكاملة على القطاعات الاقتصادية.
4. تحفيز الشراكات بين الشركات المحلية والأجنبية: يمكن تحقيق ذلك من خلال نقل التكنولوجيا والتدريب، مما يعزز الخبرات المحلية بدلاً من الاعتماد الكلي على رؤوس الأموال الأجنبية.
5. ضمان التزام الشركات الخاصة بمسؤولياتها المالية: يجب فرض رقابة صارمة على الشركات الخاصة التي تستفيد من الخصخصة لضمان دفعها حصتها من الضرائب والالتزامات المالية، حتى لا تتحمل الدولة وحدها عبء التكاليف التشغيلية.
التحديات الإدارية في التطبيق
المشكلة لا تكمن في المؤسسات المحلية بحد ذاتها، وإنما في كيفية تطبيق أساليب الإدارة الحديثة التي تفتح المجال لوضع استراتيجية اقتصادية واضحة تؤدي إلى انتعاش اقتصادي حقيقي. ما نحتاجه ليس مجرد نظريات، بل حلول عملية تستند إلى الواقع الاقتصادي الملموس في البلد، بحيث يتم توظيف الإدارة الفعالة لضمان استدامة النمو والاستفادة القصوى من الموارد المحلية.
التركيز على الجذور
لا يمكن معالجة المشكلة من خارجها دون التعمق في جذورها. فالحل الاستراتيجي في الأعمال والإدارة الحديثة يكمن في التعامل مع المشكلات من أساسها قبل محاولة معالجة الأعراض السطحية. الإدارة الفعالة تركز على حل المشكلات الجوهرية، مما يؤدي إلى بناء حلول مستدامة تعالج الأسباب الحقيقية بدلًا من الاكتفاء بمعالجة الظواهر الخارجية فقط.
الخاتمة
يمكن أن تكون الخصخصة أداة قوية لتحفيز الاقتصاد إذا تم تطبيقها بطريقة استراتيجية ومتوازنة. التحدي الرئيسي في البحرين ليس في مبدأ الخصخصة بحد ذاته، وإنما في كيفية تطبيقها بحيث تستفيد منها المؤسسات المحلية دون أن تتضرر. من الضروري إعادة توجيه السياسات الاقتصادية لضمان أن تظل الشركات البحرينية قادرة على الاستمرار والنمو، وتعزيز بيئة تنافسية عادلة ومستدامة تعود بالنفع على الجميع.
- 2025-03-28رحيل الدكتور سالم النويدري .. العملاق المجهول والفارس الذي لم ينكص
- 2025-03-27الإرهاصات السياسية من 1970 حتى العقد الثالث من بعد 2000 (2)
- 2025-03-20الصهاينة في البحرين.. لا جالية ولا من يحزنون
- 2025-03-19إرهاصات التغيير في الشرق الأوسط من 1970م حتى العقد الثالث بعد 2000م - (1)
- 2025-03-10الشيخ علي سلمان وقاعدته الشعبية: وفاء وإخلاص