الإرهاصات السياسية من 1970 حتى العقد الثالث من بعد 2000 (2)

2025-03-27 - 2:13 م
محمد العصفور
مرآة البحرين: ليس من الواقعية بمكان أن نؤرخ الحدث أو الأحداث في 1970 دون أن يرتد طرفنا إلى السنوات السابقة ، والتي خلقت الظروف الممهدة لأحداث السبعينيات .
في الشرق الأوسط كان ناصر 56 وتأميم قناة السويس ، غير أن المثير هو حلف بغداد، وقد أنشأته بريطانيا وضم العراق وإيران وباكستان وتركيا والذي دعمته أمريكا وهو حراك يناوىء امتدادات الاتحاد السوفيتي ومن يمثله عبد الناصر ومن لف لفه، ورعته الولايات المتحدة الأمريكية ، القوة الصاعدة الثانية ، غير أن هذا الحلف تعرض إلى نكسة مدوية وهي سقوط النظام الملكي في العراق ، واتحاد سوريا ومصر وانبثاق حراك شعبي وسياسي في لبنان ضد أصداء حلف بغداد في لبنان ، مما اضطرّ كميل شمعون رئيس الجمهورية اللبنانية ، أن يستعين بالولايات المتحدة، وقد استجابت الأخرى بإرسال قوات من المارينز إلى بيروت .
ومآلات هذه الأحداث التي تقدم ذكرها تشي بمستقبل مغاير لما كانت عليه بريطانيا في الشرق الأوسط وتحديدا مصر والخليج ، هناك ممر مائي فقدت حريتها في المرور خلاله وهو مضيق هرمز ، وهناك حركات تحرر في ظفار والخليج.
إن بريطانيا بعد المد السوفيتي في المنطقة أصبحت مرهقة ، وتتحمل أعباء سياسية وربما خدماتية ، وحتى إن بعض قادة المنطقة طلب منها البقاء، وهو سيغطي تكاليف وجودها ، لكن بريطانيا تنظر إلى ما هو أبعد ، إنها لحظة التحول على المستوى الشعبي وعلى المستوى السياسي ، وهناك استحقاقات تنتظر بريطانيا ، في ظروف مختلفة عن السابق.
إن الاتجاهات السياسية المناوئة لبريطانيا في المنطقة في راهن الظرف مكان الدرس ، ينظرون إلى بريطانيا على أنه بلد محتل ،وينظرون إلى السوفييت على أنه خشبة الخلاص .
لقد عاث الاتحاد السوفيتي في المنطقة - كما عاثت قبله بريطانيا - عابثا في علاقة أبناء تلك المنطقة مع ما يؤمنون به من عقيدة ، مخترقا أعداداً كبيرة منهم ، ومحولا ولاءاتهم من انتماءاتهم العقدية إلى انتماءات أيديولوجية وعقيدة سياسية تدين إلى الأقطار التي شكلت محطات وكالات إقليمية على مستوى الأنظمة اليسارية ، والحق أن التهمة التي كان يمارسها اليساريون في حق الإسلاميين وقعوا فيها وهي اختطاف الحقيقة ، وإذا كان الإسلاميون يلجأون إلى النص في فهم عقيدتهم ، فإن تلك القوى اليسارية آثرت أن تقود المجتمعات بمنظومة فكرية غريبة عن واقع المجتمع العربي والإسلامي .
لقد كانت بريطانيا مدركة في أنها أمام طوفان من التغييرات ، وأن الوقوف أماما مكلف جدا ، وأن الابتعاد عن منطقة حوض الخليج وما اتصل بها أكثر فائدة وأكثر نأيا بالنفس من الصدام المباشر مع الشعوب العربية والإسلامية .
كان على بريطانيا في خضم الحراك السياسي والفكري أن تقدم نفسها عبر منظومة من القيم الاجتماعية والحقوقية ، وكان عليها ان تخوض حربا فكرية متوازية مع المرحلة الكولونية .
لكنها لم تفعل ، أو لم يكن بمقدورها أن تقدم منظومة تبشيرية مرة أخرى ، أو أنها وجدت انعدام جدوى وهي تشعر بخارطة احتلالها تتآكل بشكل سريع ولافت .
إنها فقدت البنية الشعبية في الخليج وفقدت مصر وفقدت العراق على المستوى السياسي الرسمي ، وتقدم المد السوفيتي مستنزفا العراق ومصر وبعد ذلك ليبيا واليمن .
ولا ينبغي أن يُفهم كلامي على أنه تباكي على حقبة البريطانيين ، ولكنه تأمل في تراجع دور يعود إلى بريطانيا العظمى أمام قوة ناشئة -نسبيا- وهي الاتحاد السوفيتي .
وإذا نسينا ، فلا تنسى دول المنطقة أو شعوب دول المنطقة ، أن بريطانيا هي من عملت على ضياع فلسطين ، وهي في الوجدان العربي متورطة في هذه الجريمة ، على الرغم -وقد تقدم ذكره- من أن الاتحاد السوفيتي هو أول من اعترف بقيام إسرائيل.
- 2025-03-30بعض الكسبة!
- 2025-03-28رحيل الدكتور سالم النويدري .. العملاق المجهول والفارس الذي لم ينكص
- 2025-03-26تأثير الخصخصة على المؤسسات المحلية في البحرين وآليات انتعاش الاقتصاد المحلي
- 2025-03-20الصهاينة في البحرين.. لا جالية ولا من يحزنون
- 2025-03-19إرهاصات التغيير في الشرق الأوسط من 1970م حتى العقد الثالث بعد 2000م - (1)